ـ(18)ـ
بالتمييز الذاتي على آدم عليه السلام (ولقد خلقناكم ثم صورنا كم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس لم يكن من الساجدين _ قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين _ قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين _ قال انظرني إلى يوم يبعثون _ قال إنك من المنظرين _ قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم _ ثم لآتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين _ قال أخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم لأملئن جهنم منكم أجمعين)(1). (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين)(2).
الاختلاف بسبب الفساد في الأرض:
وفي تطور آخر إلى جانب الاختلاف العقائدي بدأ سبب آخر للاختلاف ينطلق من الهوى أيضاً، وهو: الاختلاف بسبب الجهل والطغيان، وتحول بعض الممارسات السلوكية إلى عادات ثابتة، أو تقاليد مقدسة لوراثتها عن الآباء والأجداد، وبفعل الاجتهادات والتغيرات القائمة على الهوى والأغراض الشخصية أو الظنون والأوهام، الأمر الذي أدى إلى انقسام الناس إلى جماعات متعصبة وأحزاب متفرقة يقتل بعضهم البعض الآخر ويشرده من دياره، أو يستعبده ويستغله من اجل مصالحه وحاجاته وإرضاء لرغباته وشهواته. (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)(3).
________________________
1 ـ الأعراف: 11 ـ 18. وانظر: الحجر: 8 و 33 ـ 37، و ص: 80، الإسراء: 61 ـ 75 ـ 76.
2 ـ البقرة 34.
3 ـ الروم: 41.