ـ(174)ـ
مادام ذلك الأمر ـ لو صح ـ داخلاً في سنته قولاً أو فعلاً بعد إمضائه من قبل الله عز وجل، بناء على ما يعتقده المسلمون من وجوب عصمته عن الخطأ، وتسديده في إصدار أحكامه استناداً إلى قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى)(1).
وكيف كان، فقد اختلف القائلون بجواز الاجتهاد عليه سعةً وضيقاً، حيث ذهبت جماعة على أنه يجوز له الاجتهاد في القضايا والمصالح الدنيوية، وأمور الحروب وغيرها، واختلفوا في اجتهاده في الأحكام الشرعية والقضايا الدينية ـ فيما لا نص فيه ـ على مذاهب(2).
1 ـ قال أكثر الأصوليين:(يجوز اجتهاده ـ صلى الله عليه وآله ـ عقلاً، وقد وقع ذلك فعلاً).
2 ـ وقال الحنفية:(إنه كان مأموراً بالاجتهاد إذا وقعت له حادثة، ولكن بعد انتظار الوحي، إلاّ أن يخاف فوت الحادثة؛ لأن اليقين لا يترك عن إمكانه، والاجتهاد في حقه يختص بالقياس؛ لا، المراد واضح، ولا تعارض لديه، فإن أقر على اجتهاده كان ذلك كالنص قطعاً، إذ لا يقر على الخطأ)(3).
3 ـ وقال جمهور الأشاعرة والمتكلمون وأكثر المعتزلة:(ليس له ـ صلى الله عليه وآله ـ الاجتهاد في الأحكام الشرعية)(4).
4 ـ وقال قسم آخر من الفقهاء:(بما أن الاجتهاد فيه نوع من التكليف لتحصيل الحكم فهو لا محالة مسبوق بعدم المعرفة بالحكم، والنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ
______________________
1ـ النجم: 3 و 4.
2 ـ إرشاد الفحول: 225، وشرح الأسنوي 2: 237، وكشف الأسرار 2: 926، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2: 291، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2: 266، وشرح المحلى على جمع الجوامع 2: 216، والمستصفى 2: 104، والآمدي 3: 140، أصول الفقه للخضري: 360.
3 ـ شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2: 300.
4 ـ شرح المحلى على جمع الجوامع 2:.