ـ(175)ـ
كان عارفاً بجميع الأحكام الشرعية، ولم يكن بحاجة إلى الكلفة لتحصيله)(1).
وقد اتفق العلماء على أن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يقر على خطأ في اجتهاده؛ حتى لا يسري الخطأ وتقلده أمته فيه، واختلفوا في جواز الخطأ عليه في الاجتهاد:
فقال جماعة ـ منهم: الرازي والبيضاوي ـ:( يمتنع الخطأ على الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ في اجتهاده، واجتهاده صواب دائماً)(2).
وقال ابن السبكي:(والصواب: أن اجتهاده ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يخطيء تنزيهاً لمنصب النبوة عن الخطأ في الاجتهاد)(3).
وقال البعض الآخر:(يجوز الخطأ على النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ فيما لا يرجع إلى التبليغ، بشرط أن لا يقر عليه)(4).
الاجتهاد في عهد الصحابة
يذهب أكثر العلماء إلى جواز الاجتهاد بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، فقد كثرت الفتوحات الإسلاميّة، ودخلت حضارات جديدة تحت راية المسلمين، وحدثت أمور لم تكن معهودة في زمنه ـ صلى الله عليه وآله ـ، فرأى الصحابة أنه لابد لهم أن يجتهدوا ويجدوا في معرفة الأحكام لتلك الأمور المستجدة، فكانوا إذا وجدوا للحادثة نصاً من الكتاب أو السنة عملوا به، ولا يوجد خلاف بذلك فيما بينهم.
وأما إذا لم يجدوا لحكمها نصاً فقد انقسموا إلى طائفتين: طائفة منهم كانت تتجه نحو العمل بالرأي، وأخرى على خلافه(5)؛ لأنهم يكرهون القول بالرأي خشية
___________________________________
1 ـ فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2: 266.
2 ـ أصول الفقه للخضري: 360.
3 ـ كشف الأسرار 2: 926.
4 ـ شرح الأسنوي 2: 337.
5 ـ تاريخ المذاهب الإسلاميّة للأستاذ أبي زهرة: 109.