ـ(173)ـ
ويكرر هذه المقولة ويؤكد بأن الرازي هو القائل:( اعلم: أن نسبة الشافعي إلى علم الأصول كنسبة أرسطو إلى علم المنطق، وكنسبة الخليل بن أحمد إلى العروض )(1).
وفي مقابل هذا الرأي يوجد رأي آخر يذهب إليه العلامة السيد حسن الصدر، حيث يقول:(إن الإمامين الباقر والصادق ـ عليهما السلام ـ هما مؤسسا علم الأصول). ثم يقول:(أول من أسس علم الأصول وفتح بابه وفتق مسائله الغمام أبو جعفر الباقر(عليه السلام)، ثم بعده ابنه الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام)، أمليا على أصحابهما قواعده...)(2).
والحق: أن علم أصول الفقه لم يولد كعلم، ولم يكتب فيه كعلم مستقل إلاّ بعد الشافعي. وأما الشافعي: فهو ممن أكمل بعض مسائله ولم يدون فيه كتاباً جامعاً لمسائل علم الأصول. فالاجتهاد في الحقيقة ليس إلاّ الاستنباط والتمسك بالدليل، وأما طريقته فقد أكملت في قرون ثلاثة حتى ظهر كعلم.
الاجتهاد في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
رجح كثير من الفقهاء: أن الاجتهاد كان منذ زمن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وإن اختلفوا في حدوده ونوعه. والذي لا نشك فيه أن عصره ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يدع مجالاً للاختلاف الفقهي بين الصحابة؛ لأن الأحكام ـ كما يقول ابن خلدون ـ:( كانت تتلقى منه ـ صلى الله عليه وآله ـ بما يوحى إليه من القرآن، ويبينه بقوله وفعله بخطاب شفاهي لا يحتاج إلى نقل ولا إلى نظر وقياس)(3).
ولا أظن أن هنالك أهمية للاختلاف الدائر في إعمال اجتهاده (صلى الله عليه وآله)
____________________________________________
1ـ محاضرات في أصول الفقه الجعفري لمحمد أبي زهرة: 6، والشافعي حياته... لمحمد أبي زهرة: 196.
2 ـ تأسيس الشيعة للسيد حسن الصدر: 10.
3 ـ مقدمة ابن خلدون: 453.