/ صفحه 444 /
للرسول حقه الطبيعي في أن يتخلى عمن شاء من نسائه بالإرجاء تخلياً لا يترتب عليه ضرر لها، ولا ضياع هيبة وكرامة، وأن يحتفظ بمن شاء منهن بالإيواء.
وبينت الاية الكريمة حكمة تشريع هذا الحكم، فقالت: " ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن، والله يعلم ما في قلوبكم، وكان الله عليما حليما ".
ففهمنا من ذلك أن حكمة التشريع هي أن هذا الحكم هو أقرب الأحكام إلى تحقيق الامور الآتية:
1 ـ قرار أعين أمهات المؤمنين.
2 ـ عدم حزنهن.
3 ـ رضاهن كلهن بما آتاهن الرسول.
4 ـ مراعاة شأن القلوب وميولها الطبيعية.
أما قرار أعينهن رضي الله عنهن، فبأنهن قد سكن إلى جناح الزوجية الأعظم، وأعطين ما به يكون القرار والطمأنينة، وأصل القرار في اللغة السكون، ولما كانت العين تطمئن وتستقر إذا نظرت إلى ما يعجب وما يوافق؛ قيل للمرء حين ينال ما يطمئنه ويستقر عليه أمره ـ قرتْ عينُه، وهذا الامر يقر عينه ـ ": " وقالت امراة فرعون قرة عين لي ولك (1) ". أي إليه نطمئن وبه تستقر نفوسنا وتسكن أعيننا من التطلع إلى الولد، " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين (2) "، " كي تقر عينها ولا تحزن (3) "، فكلي واشربي وقري عيناً (4) "، كل ذلك بمعنى قرار الحال، واستشعار راحه النفس، وهدوء البال.
وأما عدم حزنهن ـ عليهن رضوان الله ـ فهو بالنسبة لمن يؤويها الرسول صلوات الله وسلامه عليه واضح، وبالنسبة لغيرها ممن ترجى وتؤخر أنها حين توازن بين

ــــــــــ
(1) الاية 9 من سورة القصص.
(2) الاية 74 من سورة الفرقان.
(3) الاية 40 من سورة طه.
(4) الاية 26 من سورة مريم.