/ صفحه 443 /
المفسرون يروون ذلك سبباً للنزول، وقد يكون هذا هو السبب المباشر، أو الظرف الذي نزلت فيه هذه الاية المخيرة لنساء النبي، ولكن هذا لا يمنع من أن نفهم أن هذا التخيير كان لأمر آخر مع هذا، هو إتاحة الفرصة لمن لعلها تريدها بعد أن تبين أن حياة الرسول ليست هي الحياة اللينة الرغدة التي تلابسها زينة الحياة الدنيا، وأيا ما كان فقد نفذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا، وخير نساءه كما أمره الله فكلهن اخترنه، وقد بدا من أسلوب التخيير ما يشجع على هذا الاختيار فإنه عرض عليهن فيه: الحياة الدنيا وزينتها في جانب، ثم أيد الجانب الآخر بتقرير أن الله " أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً " ولا شك أن هذا كله يوحى لهن بالخصلة التي ينبغي أن يخترنها، وهي التي تحقق كرامتهن وكرامة الرسول وكرامة المؤمنين في شأن أمهات المؤمنين، وفي الوقت نفسه روعي حق هؤلاء الزوجات، فأخذ رأيهن في أنفسهن حتى يستأنفن الحياة المقبلة على بصيرة من أمرهن.
* * *
تخيير الرسول في الإرجاء والإيواء:
وبيان الحكمة في هذا التخيير:
2 ـ جاء بعد ذلك، وبعد بيان ما أحله الله تعالى لرسوله من الأزواج وأصناف النساء، قوله عزوجل: " ترجى من تشاء منهن، وتؤوى اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ".
وهذه الاية تعطي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حقا مقابلا لم سيلزم به من الإبقاء على جميع الزوجات في عصمته، ومن تحريم النساء بعد ذلك عليه.
جعل الله له أن يرجى من نسائه من يشاء أي يؤخرها ويعتزلها، وحسبها أنها بقيت فقي بيت النبوة زوجة للرسول محفوظة الكرامة، مصونة، وجعل له أن يؤوى إليه من نسائه من يشاء، وجعل له حق إعادة من يعتز لها حيناً ثم يشاء أن يؤويها.
وبذلك تحقق لأزواج الرسول بقاؤهن في عصمته مكرمات مصونات، وتحقق