/ صفحه 445 /
حالها لو بقيت في كنفه، وحالها لو فارقها، لا تحزن، أو تكون أقرب إلى ألا تحزن، وهذا مفهوم من قوله: " ذلك أدنى " يعين ليس هو بناف للحزن كله: وفي كل حال، بل هو أدنى الأحكام وأقربها إلى إبعاد الحزن، أو تقليله، وذلك قصد في التعبير.
وأما رضاهن كلهن بما آتاهن فإن كل واحدة حين تعلم أن ذلك من حق الرسول ينحسم الأمر بالنسبة لها، فالمرجاة لا تتطلع إلى غير الإرجاء، أو ذلك أقرب إلى ألا تتطلع، فإن المؤمن يرضى حكم الله ولا تنازعة نفسه إلى إنكاره والسخط عليه.
وأما أن هذا قد روعى فيه شأن القلوب وميولها الطبيعية، فو إشارة إلى أنه حكم قد تقرر بناء على ما يعلمه الله من قلوب عباده، وكما نقول نحن: إنه حكم مبنى على دراسة نفسية، وله هدف اجتماعي وليس سطيحا ولا تحكميا.
وقد روى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) آوى إليه من نسائه أربعا وأرجأ خمسا: فآوى عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب، وأرجى سودة، وجويرية، وصفية، وميمونة، وأم حبيبة (1).
3 ـ بعد هذا كله جاء قوله تعالى: " لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا ".
وبهذا مُنِع الرسول من أن يتزوج غير نسائه، ومن أن يتبدل بأيتهن زوجة أخرى، ولو أعجبه حسنها، إلا ما كان من النساء عن ملك اليمين وبذلك وقف التعدد في شأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عند حد كسائر المؤمنين.
* * *
ــــــــــ
(1) ص 328 ج 4 تفسير أبي السعود المطبوع بدار العصور بالقاهرة في سنة 1347 هـ (سنة 1928).