/ صفحه 442 /
أتظل بقية حياتها في هذا الوضع القاسي؟ وإذن فلا يمكن أن يكون الفراق ـ فراق ما زاد على الأربع ـ هو الحل الطبيعي العادل في حق الرسول وزوجاته، وإن كان هو الحل في حق غيلان وأمثال غيلان.
لكن إذا بقي للرسول نساؤه جميعاً فلم يجز له أن يفارق واحدة منهن، وأن يختار كما أبيح لغيره أن يختار؛ فإن هناك مشكلة أخرى ستبرز:
أليس من حق النساء أيضاً أن يخيرون فلعل فيهن من تراودها نفسها إلى حياة أخرى تختارها، وحينئذ تكون غير صالحة للبقاء في هذا الكنف النبوي، وغير صالحة لأن تستمر في هذا الشرف.
ثم الرسول نفسه: ماذا يكون شعوره حين يعلم أن هؤلاء النساء باقيات في عصمته جميعاً دون أن يباح له فراق إحداهن.
هذه المعاني كلها جعلت التشريع يأتي بأحكام خاصة في شأن الرسول وزوجاته، وكلها تمهيد لما سيأتي من الحكم العام:
تخيير أزواج الرسول
بين إبقائهن وتطليقهن:
1ـ فأول ذلك ـ بحسب ترتيب السورة ـ:
" يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيما ".
والمفسرون يروون سبب نزول هذه الاية، وأنها نزلت حين طلب أزواج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منه الزينة والنفقة، وألححن عليه في ذلك، وأن رسول الله اعتزلهن شهراً لهذا السبب، وأن أبابكر كان له موقف مع عائشة، وعمر كان له موقف مع حفصة: كل منهما يُعنف ابنته ويهم بتأديبها على سؤالها النفقة والزينة من رسول الله وهو لا يجدها.