/ صفحه 439 /
وإذن فالقدوة العملية هي التي كانت عماد هذه الخطة ووسيلتها إلى أن يقبل المجتمع في حسم ما لم يكن يقبله، لموضع الإلف والعادة في ألا يتزوج الرجل زوجة متبناه.
ولذلك نعتبرها تضحية من الرسول، وتنفيذاً لأمر الله، وسنة من سنن الأنبياء الذين يبلغون رسالات ربهم ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله، وليست الرسالات فقط قولية، وإنما تكون أحيانا عملية، كهذه الرسالة العملية لتي كلفها الرسول على ما بها من مشقة، فالرسول كان بهذا مضحياً متحملا في سبيل رسالة ربه، لا ناظراً إلى زينب وجال زينب، ولو أنه كان ناظراً إلى زينب لخطبها لنفسه من أول الأمر قبل أن يحملها على التزوج من مولاه، ويومئذ ما كان ذلك يلفت نظر أحد، وما كان يتخذ سبيلا للقال والقيل.
وننتقل بعد هذا إلى نقطة أخرى:
أحكام انتقالية:
علم الله سبحانه وتعالى أنه سيشرع للمسلمين حكما يحد به من تعدد الزوجات على ما كانوا يفعلونه في الجاهلية، أي أنه سيقصر العدد على أربع، فلا يجوز لمسلم أن يزيد عليهن، فمهد لذلك بأحكام في شأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كلها جاءت في سورة الأحزاب، التي نزلت بالإجماع قبل سورة النساء.
زوجات الرسول أمهات للمؤمنين
ولا يجوز نكاحهن من بعده:
ولكي ندرك الجو الذي جاءت فيه هذه الأحكام وطبقت على الرسول يجب أن نستحضر ما يأتي:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له في الأمة منزلة التقديس والإجلال، ولا يتناسب وهذه المنزلة أن ينكح المسلمون أزواجه من بعده أبداً، ولذلك اعتبرت سورة الأحزاب أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمهات المؤمنين، وذلك حيث يقول جل شأنه: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أمهاتهم " قال