/ صفحه 440 /
صاحب الكشاف: هذا تشبيه لهن بالأمهات في بعض الأحكام، وهو وجوب تعظيمهن واحترامهن وتحريم نكاحهن قال الله تعالى: " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيما ".
وهذا لون من التكريم معهود في الناس قديما وحديثاً فنساء العظماء عادة لا يتزوجن بعدهن، ومن كانت عند عظيم من الناس ثم انفصلت عنه، لا تقر عينا، ولا تستريح بالا إذا تزوجت من هو أدنى منه، فإما ان تتزوج بمساوله، وإما ان تعيش بقية حياتها دون زواج تعففا عن زوجية تنزل بها عن مكانتها التي تبوأتها بزوجيتها الأولى، ومن هو أعظم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ومن تلك التي ترضى بأن تكون زوجة لغيره بعد أن كانت زوجة له؟ إن هذا لا يناسب كرامتها ولا كرامة زوجها، ولذلك يقول الله عزوجل: " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً، إن ذلكم كان عند الله عظيما ".
وقد اختار الله عزوجل في تحريم إيذاء رسوله الكريم وتحريم نكاح أزواجه من بعده هذا الأسلوب فقال: " وما كان لكم " والأصل في هذا التعبير أن يكون للممتنع عقلا مثل قوله تعالى: " ما كان لكم أن تنبتوا شجرها (1) " أو الممتنع تنزيها لله تعالى مثل قوله جل شأنه: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، أو من وراء حجاب، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء (2) " أو تنزيها لرسلة مثل قوله تعالى: " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله (3) "، " وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ".
ــــــــــ
(1) الاية 60 من سورة النمل.
(2) الاية 51 من سورة الشورى.
(3) الاية 79 من سورة آل عمران.