/ صفحه 437 /
لقد نزلت سورة الأحزاب بإجماع آراء أهل العلم في كل عصر قبل سورة النساء، وسورة النساء هي السورة التي جاء فيها حكم التعدد والقصر على أربع، فانظروا ماذا فعلت سورة الأحزاب التي نزلت قبل سورة النساء:
إن سورة الأحزاب هذه قد عنيت عناية كبيرة بشئون الرسول الخاصة فيما كان من تبنيه زيداً، ومن تزويج الله إياه زوجةَ زيد بعد أن طلقها، ومن تخييره نساءه بين الحياة الدنيا وزينتها، وبين الله ورسوله، ومن تصيحة زوجات النبي بالتقوى وعدم التبرج وإبداء الزينة، وعدم الخضوع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض... الخ. ومن نصيحة المسلمين في شأن دخول بيوت النبي، والحديث ا لى نسائه والحجاب، ومن بيان ما أحله الله لنبيه من النساء، وما حرمه عليه في شأنهن.
ومن قرأ هذه السورة تبدو له مراحل وملاحظات:
زواج الرسول من زينب
كان تنفيذاً لأمر من الله:
فيرى مثلا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتزوج زينب إلا تنفيذاً لأمر الله، وأنه كان يخشى قالة الناس، وما سوف يتحدثون به من أنه تزوج حليلة متبناه، وقد عاتبه الله تعالى على ذلك، واقرءوا في هذا قوله تعالى: " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه، فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وكان أمر الله مفعولا، ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدراً مقدوراً، الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيبا " (1).
وقف أعداء الإسلام من هذا الحادث التشريعي موقفاً غير كريم، واتخذوا منه وسيلة إلى تشويه رسول الله بغير حق، وساعدهم على ذلك أنهم وجدوا روايات

(1) الايات من 37 إلى 39 من سورة الأحزاب.