/ صفحه 436 /
لماذا أبقى الرسول على جميع نسائه:
بقي سؤال ثالث: ولكن هذا السؤال لا يوجهه أولئك الذين وجهوا السؤالين الأولين، وإنما يوجهه المستشرقون وأمثالهم، ويغتر به بعض المسلمين، ويتحدث به كثير من الشباب على استحياء، أو في استخفاء: ذلك هو: إذا كان الله تعالى قد شرع للمسلمين عامة حكما هو الاقتصار في التعدد على أربع، وكان الرسول يأمر من زادت زوجاته على أربع أن يبقى أربعاً ويفارق الباقي، فلم لم يطبق هذا على نفسه، وكيف جاز له أن يبقى بعد هذا التشريع تسعا من النساء، ولا يكتفي هو أيضا بأربع ويفارق الباقي؟
هذا هو السؤال، وقد كان هذا الأمر موضع تهجم كثير على الإسلام ورسول الإسلام بغير حق، وبغير تأمل ولا بحث، ولو كان السائلون أو المتحيرون أو الشاكون منصفين، لتأملوا سيرة الرسول وظروف هذا الأمر بالنسبة له (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنهم لو فعلوا ذلك لأدركوا الحقيقة على بساطتها، بل لأدركوا أن الإسلام لو لم يفعل ذلك لكان مجافيا للوضع السليم، تعالى الله عن ذلك، فإنه هو الحكيم العليم الرحيم.
إن العلماء يسلكون في الرد على هذا السؤال مسلكا معروفاً، بأن يقولوا: هذه خصوصية من خصوصيات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن الاكتفاء بكون هذا خصوصية لا يكفي في الرد على السائلين، لأن هذا هو نفس السؤال: لمَ خُص بذلك؟ هل هي محاباة له من ربه؟ وأعداء الإسلام يقولون: إن محمداً هو الذي احتفظ لنفسه بهذه الخصوصية ـ يرمون بذلك لعنهم الله إلى أنه ليس رسولا وإنما هو مدع ـ.
فعلينا إذن ألا نكتفي بهذا الإجمال، وأن ندرس الامر في صميمه، وأن نتابع الظروف التي جاء فيها هذا التشريع العام للمؤمنين، والأسباب التي أبيح معها للرسول أن يحتفظ بنسائه هو خاصة من دون المؤمنين، أي أننا سنجيب عن السؤال الذي جاء أخيراً، وهو: لم كانت هذه الخصوصية؟