/ صفحه 433/
ومن حق الأيامي الذين فقدوا ما كان لهم من أزواج في الحروب أن ينظر اليهن نظرة يقصد بها علاج مشكلتهن، ولا سيما أن بعض الأزواج الذين قتلوا في سبيل الله قد يكون لهم بلاء حسن، وإقدام في ساحة الجهاد مذكور، فعلى المجتع أن يلاحظ ذلك، وليس من الوفاء، أن يترك أبناؤهم وأراملهم يكابدون الحياة بلا عائل ولا مصلح.
لذلك تعد ظروف الحروب من اهم المبررات لتعدد الزوجات ما في ذلك شك.
وسطية الإسلام، وشهادة الرسول:
وقد كان العرب في الجاهلية يعددون، ولم يكن ذلك معيباً فيهم، حتى جاء الإسلام وهو شريعة الوسطية، أي أنه في كل حكم أتى به يلتزم الجانب الوسط، فلا يميل إلى جانب الإفراط، ولا إلى جانب التفريط، ولذلك يقول القرآن الكريم مخاطباً المسلمين: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيدا " (1).
فمعنى: " لتكونوا شهداء على الناس ": لتكون أحكامكم ومبادئكم ومثلكم هي المقياس الصحيح، والميزان الذي تعدل به أحكام الناس ومبادئهم ومثلهم، وتلك ثمرة من ثمرات التوسط، " ويكون الرسول عليكم شهيداً ": أي تكون أحكامه وأفعاله ومبادئه ومقاييسه هي المرجع والتعديل الصحيح، وذلك يستلزم أمرين:
أحدهما: أن الإسلام دين وسط، فلا انحياز له إلى طرف وخير الأمور الوسط.
والثاني: أن أحكام الرسول وأعماله هي المرجع عند الاختلاف أو الاشتباه في معرفة الوسط الذي هو شريعة الله وحكمه العام للناس، فمن سنة الرسول قولا وفعلا ومثلا وسيرة نأخذ ما يدلنا على حكم الله، وشريعة الله.
وهذان المبدآن ـ ولله الحمد ـ منطبقان على ما ذهبنا إليه في شأن التعدد.
فمن حيث الوسطية نجد أنه كان أمام الإسلام في هذا الشأن واحد من ثلاثة طرق:
ــــــــــ
(1) الاية 143 من سورة البقرة.