/ صفحه 432 /
يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن، وترغبون أن تنكحوهن ". قالت: أنزلت في اليتيمة تكون عند الرجل فتشركه في ماله، فيرغب عنها أن يتزوجها ويكره أن يزوجها غيره فيشركه في مالها فيعضلها فلا يتزوجها ولا يزوجها غيره " (1).
وهذه الرواية الأخيرة صريحة في إفادة لو أراد أن يتزوجها لكان له ذلك على أن يقسط لها، فهي إذن حث على تزوج اليتيمات مع القسط لهن، لا نهى عن تزوجهن إذا خيف عدم القسط في صداقهن.
ومهما يكن من شيء، فإن لعائشة رضي الله عنها رأيها، وللباحث أن يدرس هذا الراي ويعرضه على أصول البحث العلمي، وموازين النقد، فإن استقام في نظره قبله، وإلا كان في حل من رده.
السؤال الثاني: إذا كان تعدد الزوجات مقيداً بما ذكرته من أن يكون له مبرر، فلم لم يقيد الرسول أصحابه بذلك، فإنه لم يرد أبداً أن أحداً من الصحابة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا من بعده توقفوا عن التعدد لأنفسهم أو لغيرهم حتى يتبينموا: هل له مبرر مشروع أو ليس له مبرر مشروع، فدل ذلك على ان هذا القيد غير معتبرن إذ لو كان معتبراً لحرص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن يقيد به الناس، وأن يراقبهم ليعلم هل تقيدوا به أو لا، ولو عرف الصحابة شيئاً من ذلك لرووه والتزموه، ولرأيناهم يتساءلون عند ما يعددون: هل هناك مبرر أو ليس هناك مبرر؟
فأقول: إنني لم أقل شيئاً يستدعي هذا، وإنما قلت مالا يتعارض أبداً مع فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه، بيان ذلك أنني قلت: لابد من مبرر مشروع، شبيه بما ذكر في الاية من الخوف من عدم الإقساط في اليتامى، وهذا المبرر قد يكون هو مراعاة حالة الأمة في ظروف الحروب، وما تؤدي إليه من نقص في الرجال، وتأييم للكثيرات من النساء، فهذا نفسه من أهم المبررات للتعدد،
ــــــــــ
(1) راجع كتاب التفسير من صحيح مسلم.