/ صفحة 54 /
في سبيل تحقيق هذه الغاية توزيعاً يعين على الوصول إليها، وييسر صعابها، ويذلل عقابها، فإذا اختل الميزان في هذا التوزيع، فإن الحياة في المجتمع تتعقد بمقدار اختلاله، ويشعر أفراده بالهبوط في مستوى سعادتهم واطمئنانهم.
ومثل ذلك، كمثل جماعة من العمال في مصنع من المصانع، لكل منهم عمل مقسوم، عليه أن يقوم به، فإذا أدى كل منهم عمله على الوجه الأكمل، سارت أمورهم عي ما يحبون من الاستقامة والهدوء، وإذا فرط أحد فما وكل إليه، تعرض الجميع للخطر على قدر هذا التفريط قوة وضعفا، قلة وكثرة.
فالمجتمع ما هو إلا مصنع كبير والناس عماله، والتعاون بينهم روحه، وملاك أمره، وقوام صلاحه وبقائه.
ولذلك انبني التشريع الإسلامي للمجتمع على أساس طبيعي، هو وجوب أن يبذل الفرد من ذات نفسه لمجتمعه، في سبيل أن يعيش عضواً من أعضائه، فلابد لكل فرد من أن يكون عاملا، إما صانعاً، أو زارعاً، أو تاجراً، أو معلماً، أو موجهاً يبذل للناس بذلا في مقابل انتفاعه بما يبذلون له.
ولهذا حرم الربا في الشريعة الإسلامية، لأنه اكتساب للمال لا يقابله عمل، فهو تعطيل لصاحب المال، وتحويل له إلى عضو أشل، لا فائدة للمجتمع منه.
ولهذا أيضاً حرم القمار، لأنه استلاب للمال دون مقابل من العمل واحتمال للأعباء، كما حرم التسول والغصب والاختلاس... الخ.
ولهذا أيضاً حرم الاكتساب من الأعمال التي لم يعترف الشرع بها، وذلك كالا كتساب من التجارة في الخمر أو الخنزير، أو إدارة محال الفجور، أو الرقص أو صناعة الأصنام أو نحو ذلك من كل ما حرمه الله، فإن ذلك ليس نفعاً للأمة، ولا إفادة للمجتمع، بل هو ضرر وفساد، وهو أشد على الأمة من تعطل المتعطل، وكسل الكسلان.
وخلاصة القول في هذا أن نرجعه إلى المبادئ الآتية:
1 ـ الإنسان خليفة الله في الأرض.