/ صفحة 422/
ما لا يخالفني عليه أحد من الزيدية، فلم يتمالك جميع من حضر من الزيدية أن شكروه ودعوا له وبطلت حيلة الرجل فيما أراد من التشنيع والفتنة)) انتهى.
أقول هذا هو ملاك التصالح القطعي بين الإمامة لعلي والأئمة المنصوصين من ولده، وخلافة الخلفاء الرشادين نثبت لهم ما أثبته الشيخ لزيد من الإمامة في العلم والزهد مضافا إلى بيعة المسلمين لهم، واقتداء الامام المنصوص بهم، وننفى عنهم الإمامة الموجبة للعصمة والنص والمعجز، وهذا مما لا يخالف عليه السلف واحد من أهل السنة، ولا ادعاها الخلفاء الراشدون باجماع الأمة، فما معنى الخلاف ومحاربة الامامة التي لا تحاربهم، وانكار منزلتها التي لا تنكر منزلة الخلافة للسابقين الأولين القائمين بها، فسلوا السيوف المغمدة التي لا تقصدهمه على وجوههم بلا موجب، ثم قالوا: ما سل سيف على شيء كما سل في الإسلام على الامامة والخلافة وكان الحق أن يقال ما أعمد سيف عن الرياسة في أمة كما أغمد في صدر الإسلام بين الامام والخليفة، حتى إذا نزلت بهم قضية ولم يكن عندهم أثر رجعوا إلى العلم المذخور من معدن النبوة عند الوصي والامام المنصوص، فيقول له قائلهم العظيم تارة غص يا غواص وأخرى لولا على لهلكت، وثالثة لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن، ورابعة لو وليهم هذا لحملهم على المحجة البيضاء.
ومن طريف ما يدل على أن علياً (عليه السلام) كان مسالماً لعقد الخلافة لهم، واثقا بعدلهم في شئونها وبحصول الغرض المطلوب بهم، وعدم منافاتها لمنزلته الإلهية، ولا للنص عليها، ولا لأولويته بها أن أتوه جميعاً طائعين: ما رواه غير واحد، منهم الامام الأعظم الخبير الشيخ المفيد في فصول أماليه التي جمعها علم الهدى الموسوي وهو ما نصه: ((حضر الشيخ أيده الله ((بسر من رأى)) واجتمع إليه من العباسيين وغيرهم جماعة كثيرة، فقال له بعض مشايخ العباسيين: أخبرني من كان الامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: كان الامام من دعاه العباس إلى أن يمد يده لبيعته على حرب من حارب، وسلم من سالم، فقال العباسي: ومن هذا الذي دعاه العباس إلى ذلك؟ فقال له الشيخ: هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب