/ صفحة 421/
عن المنكر، لها قيمتها وقدرها، وليست مكذبة للإمامة الخاصة المنصوص المشروطة بشروط مخصوصة، وصفات ربانية لن توجد الا فيمن نص الله عليه على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ولأجل عدم التكاذب بين الامامتين أجمع علماء الإمامية على جلالة زيد وعلمه وعبادته وخشيته وصلاحيته للسلطان الإسلامي وعلى موافقته للامامة المنصوصة في حق أخية محمد الباقر وابنه جعفر الصادق، وله أشعار صريحة في ذلك، وكان يدعو الناس إلى رضا آل محمد والأمر بالمعروف وجل الأخبار صريح في فضله والرضا بدعوته وما يخالفها مطروح أو مؤول عند الامامية، ومنعه عن القيام إنّما كان اشفاقاً عليه لا تحريماً، فهو (عليه السلام) وان قصرت مدته ـ إذ خرج في الاربعاء وقتل يوم الجمعة ـ لكن قدره الرفيع طويل، وأمر الحسين بن علي صاحب فخ أيضاً كذلك، فقد أبلى بلاء حسنا وجاهد في الله حق جهاده صلوات الله عليه وعلى أصحابه وأنصاره والمستشهدين بين يديه، ولقد أجاد الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان المطلع المتبحر الخبير في كتابه ((الفصول)) وهو فصول من أماليه ومجالسه جمعها تلميذه العظيم علم الهدى السيد المرتضى الموسوي، وهذا الكتاب مخطوط عندنا منه نسخة قديمة، فقد جمع بين الامامتين، وصالح بينهما على نحو ما أدت إليه فكرتنا بين الامامة والخلافة قبل النظر إليه.
قال السيد المرتضى فيه ما نصه: ((حضر الشيخ، أيده الله، بمسجد الكوفة، فاجتمع إليه من أهلها وغيرهم أكثر من خمسمائة انسان، فانتدب رجل من الزيدية أراد الفتنة والفساد، فقال: بأي شيء استجرت انكار امامة زيد بن علي؟ فقال له الشيخ: قد ظننت على ظنا باطلا، وقولي في زيد لا يخالفني عليه أحد من الزيدية فلا يتصور مذهبي في ذلك بخلاف لهم، فقال الرجل: ما مذهبك في امامة زيد ابن علي؟ فقال له الشيخ: أنا أثبت من امامة زيد ما يثبته الزيدية، وأنفى من ذلك ما تقيه فأقول: ان زيداً كان اماماً في العلم والزهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنفى عنه الامامة الموجبة لصاحبها العصمة والنص والمعجز، وهذا