ـ(76)ـ
(العلم) اليقيني؛ لأنه لا يوجد في الآية الكريمة إلاّ (مفعولان) بينما هي تحتاج إلى (ثلاثة مفاعيل) فلم يبق إلاّ أن تكون من (الاجتهاد).
هذا، وإذا كان في الآية الكريمة احتمالان:
أولهما: أن يفسر قولـه تعالى: (بما أراك الله) أي: بما نص عليه في الكتاب العزيز.
ثانيهما: أن المراد من قولـه تعالى: (بما أراك الله) من خلال اجتهادك ونظرك في أحكام الكتاب وأدلته، فإن في هذا ـ على الراجح ـ دليلا على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يجتهد فيما لا نص فيه حتى ينزل عليه الوحي في حكم الواقعة المعروضة مصوبا أو مخطئا، بل وقد وقع ذلك فعلا.
على أنا لسنا الآن بصدد إقامة الأدلة على وقوع الاجتهاد منه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنما قصدنا هنا إلى إثبات وجوب اجتهاد ورثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اجتهادا واجبا على (الكفاية) وأن يقوموا بهذه المهمة التي تكافئ التبليغ والبيان والحكم كلما أعوز الأمر ذلك؛ لقيامهم مقام النبوة، ولا سيما بعد انقطاع الوحي من باب أولى!! وهذا ما أشار اليه ابن العربي في تفسيره، إذ يقول (بما أراك الله) أي: بما أعلمك، وذلك بوحي أو نظر، أي بالاجتهاد!.
ولما كان (المجتهد الحق لا صلة لـه بالإيحاء الإلهي فتعين (النظر الاجتهادي) كما أعوز الأمر ذلك، لقيامه مقام النبوة في ذلك، ولأن (فطرة البيان القرآني) وطبيعته تقتضي ذلك؛ لمكان النصوص العامة والمطلقة فيه، وكذات السنة. هذا ونتيجة ذلك أن: (الجمود الفقهي أو التعصب المذهبي) يناكر ذلك قطعا؛ لأنه إطراح للنظر الاجتهادي المفروض، للأمرين الذين أشرنا إليهما.

الاجتهاد أمانة:
وأيضا: الاجتهاد هو (أمانة المجتهد الحق) وتأدية الأمانة العلمية والفكرية