ـ(69)ـ
ونتائج ولهذا رأينا الامام ابن قيم الجوزية يضع قاعدة عامة في الدوافع النفسية التي تكشف عنها الأمارات والقرائن بقولـه: (القصد روح العقد، مصححه، ومبطله) أي: بالنظر إلى ما يؤول إليه الباعث من نتائج؛ لأن (الدافع النفسي) للتصرف قبل تنفيذه هو باعث مستكن في النفس، وبعد تنفيذه نتيجة ومآل وواقع في الخارج، فالتصرف إذن يصح بصحة مآله، ويفسد بفساد هذا المآل، ولولا أن التشريع الإسلامي يقيم وزنا كبيرا لمشروعية المآل لاغض الطرف عن البواعث والقصود، ولهذا احتفل بها احتفالا كبيرا جدا (إنما الأعمال بالنيات).
وكذلك الأمر إذا كان المآل والنتائج تلقائية غير مقصودة، فينبغي أن تكون على حالة مشروعة أيضاً، وإلا هدمت (المصالح) وصيرتها إلى (مفاسد)، وحكمة الشارع تأبي أن تكون مآل تطبيق شرعه بآي حال من الأحوال مفضيا إلى النقيض مما بني عليه شرعه ابتداء من جلب المصالح، ودرء الأضرار والمفاسد. وهذا هو الشأن في كل تشريع دقيق محكم، لا يعتريه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!! وهذا ـ في نظرنا ـ أدعى إلى (التقريب بين المذاهب الفقهية) بلا نزاع إذ اعتمدت هذه (المفاهيم الكلية) إن في الحالات العادية أو في العوارض الاستثنائية على السواء؛ لأن (وحدة الأصول والقواعد) من شأنها أن تؤدى إلى (التقارب) ان لم تكن مفضية إلى (وحدة) النظر التشريعي والاجتهادي دون ريب!!!.

تاريخ الاجتهاد:
المجتهدون في القرن الثاني الهجري بوجه خاص وما يليه حتى القرن الرابع كانوا على إحاطة تامة بأصول الشريعة وأسرارها، و(مقاصدها الأساسية العامة) التي يفتقر إلى تحقيقها كل مجتمع إنساني ليستقيم أمره، ويستوي نظام حياته دون اختلال فيه أو إهمال لأي نوع من مصالحه الحيوية التي تحفظ عليه توازنه ماديا ومعنويا، كما كان أولئك المجتهدون على تفهم عميق للأدلة التي تستند إليها تلك الأصول، وتتغيا