ـ(63)ـ
وحدة المسلمين ـ وضع كافة (الأساسيات) التشريعية (التي تستند إليها هذه (الوحدة في شتى أقطارهم، تلك (الأساسيات) الثابتة في التشريع الإسلامي على سبيل (القطع) مما لا يملك أحد أن يخالف أمرها، شرعها سبيلا ميسرا لإقامة هذه (الوحدة) مما يدل دلالة صريحة على بلوغ هذه (الوحدة) في التقدير الإلهي مبلغ أسمى فرائضه بدليل أنه فرض وحدة الأمة وشرع لها وسائل تحقيقها من الأساسيات الثابته على سبيل القطع، أي: أنه تعالى شرع الغاية والوسيلة العملية لتحقيقها، والأمة الإسلاميّة ـ مهما تعددت حكوماتها وأقطارها ـ مأخوذة ومسؤولة حتما عن أداء هذا الفرض العظيم وإنجازه من الناحية الدينية، ومن الناحية السياسية بوجه خاص، فضلا عن الناحية الاجتماعية والاقتصادية لقوله سبحانه: [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا](1) وقوله عز وجل: [ان هذه امتكم أمة واحدة وانا ربكم فاعبدون](2) ثم نهى سبحانه نهيا صريحا يفيد التحريم القاطع عن التفرق والتنازع بقولـه جل شأنه: [ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم](3) مما يدل على أن (التقاعس) عن أداء هذا الفرض الذي هو من أجل الفرائض يؤدي حتما إلى انفراط عقد الأمة وانهيار قواها المادية، والمعنوية، وظهور الأعداء عليها بصريح النص الآنف الذكر! ومن المعلوم أصوليا: أن النهي عن الشيء أمر بضده!!.
هذا الذي أتى به الامام الشاطبي، الأصولي المبتكر المجدد في رسمه لمنهج الاجتهاد في الاستنباط للأحكام التي تفتقر إليها الحوادث أو الوقائع المتكاثرة عبر الزمن، بمقتضى سنة التطور في الحياة الإنسانية، لم نر أحدا من فحول الأصوليين: كالإمام الغزالي والآمدي، والعز بن عبد السلام، وغيرهم. لم نر أحدا من مثل هؤلاء الأصوليين الأقحاح، من تطرق إلى هذا منهم قد أبدى اعتراضا عليه، أو أتى بما
_______________________________
1 ـ آل عمران: 103.
2 ـ الأنبياء :92.
3 ـ الأنفال: 46.