ـ(41)ـ
وخامسة بـ (انتقال المال بعوض) وسادسة ـ(إنشاء التمليك بعوض) وسابعة ـ(أنه عقد يقتضي بعض ما ذكر) إلى غيرها من الأقوال. وربما يتعجب الباحث من سعة شقة الخلاف وتضارب الآراء في مثل هذا الأمر العام البين لكل رجل عامي كيف تطرق الخلاف فيه إلى هذا الحد بما عندهم من النقض والإبرام في كل واحد منها؟ فيتبادر إلى خلده بأنها تعريفات لفظية من قبيل (شرح الاسم) وينكر أن يكون هناك خلاف جوهري، وليس كذلك؛ ولو كان الأمر كما زعم فما وجه هذه الإطالة فيها بالرد والإبرام بين الأئمة الأعلام؟
بلغني أن أحد المدرسين الكبار بعد أن صرف أياماً في تحديد البيع أنشأ في ختام البحث شعر الحكيم السبزواري في تعريف الوجود:
مفهومه من أظهر الأشياء وكنهه في غاية الخفاء
والواقع أن اختلافهم في الأغلب إنما نشأ عن جهلهم بما اعتبره العرف العام، ثم بما اعتبرته الشريعة الغراء، وليس الخلاف دائماً في (شرح الاسم) ولا هو من البحث اللفظي في شيء إلاّ القليل منها. وبعد هذه المقدمة (1) ندخل في صميم الموضوع:

الفرق بين الحق والحكم
طرح الفقهاء عندنا هذا البحث للفرق بين ما يقع من الحقوق الشرعية عوضاً أو معوضا في البيع ونحوه، وبين ما لا يقع؛ لاتفاقهم على أن ما كان حكما شرعيا لا يقبل المعاوضة عليه، وما كان حقا فهو قابل لها إلاّ ما منع منه الشرع.
وحاصل ما حققوه: أن الفرق بينهما مفهوما واضح ومصداقا صعب. بيان ذلك:
____________________________________
1 ـ تلخيص من رسالة لي باسم (المعيار في الحدود الفقهية) ألفته حين حضوري درس الأستاذ الأكبر فقيد الإسلام السيد محمد الحجة الكوهكمري في قم بلد العلم والإيمان الذي تكونت بها الثورة الإسلاميّة في إيران بقيادة زعيمها الامام الخميني رحمه الله.