@ 83 @ والمساكين جريبين في الشهر ولم يترك في بيت المال شيئا وسئل في ذلك فأبى وقال هي فتنة لمن بعدي ثم سأل رضي الله عنه الصحابة في قوته هو من بيت المال فأذنوا له وسألوه في الزيادة على لسان ابنته حفصة متكتمين عنه فغضب وامتنع .
وفي سنة ست عشرة قدم جبلة بن الأيهم ملك غسان على عمر رضي الله عنه في جماعة من أصحابه مسلمين فتلقاه المسلمون ودخل في زي حسن وبين يديه جنائب مقادة وعلى أصحابه الديباج حتى تطاول النساء من خدورهن لرؤيته وأكرم عمر وفادته وأحسن نزله وأجله بأرفع رتب المهاجرين ثم خرج عمر للحج في هذه السنة فحج معه جبلة فبينما جبلة يطوف بالبيت إذا وطئ رجل من فزارة فضل إزاره فلطمه جبلة فهشم أنفه فأقبل الفزاري إلى عمر وشكاه فأحضره عمر وقال له افتد نفسك وإلا أمرته بلطمك فقال جبلة كيف ذلك وأنا ملك وهو سوقة فقال عمر إن الإسلام جمعكما وسوى بين الملك والسوقة في الحد فقال جبلة كنت أظن أني بالإسلام أعز مني في الجاهلية فقال عمر دع عنك هذا فقال جبلة إني أتنصر فقال عمر إن تنصرت ضربت عنقك فقال له أنظرني ليلتي هذه فأنظره فلما جاء الليل سار جبلة بخيلة ورجله إلى الشام ثم منها إلى القسطنطينة وتبعه خمسمائة رجل من قومه فتنصروا عن آخرهم وفرح هرقل به وأكرمه ثم ندم جبلة على فعلته تلك وقال .
( تنصرت الأشراف من عار لطمة % وما كان فيها لو صبرت لها ضرر ) .
( تكنفني فيها لجاج ونخوة % وبعت لها العين الصحيحة بالعور ) .
( ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة % وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر ) .
( ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة % أجالس قومي ذاهب السمع والبصر ) .
( أدين بما دانوا به من شريعة % وقد يحبس العير الدجون على الدبر ) وكان قد مضى رسول عمر إلى هرقل وشاهد ما هو فيه جبلة من النعمة