[14] حقا أن شمس العلماء.. في أسلوبه وبيانه الممتنع الجزل المفيد الوجيز، ليعكس في أذهاننا جميع عباراته، ببراعة الخالد الذي لا ينسى وقعه ولا يمحى أثره. والغريب الذي لمسته في شخصيته الفكرية خلال أشتغالي بتحقيق كتابه هذا.. وفور معلوماته وكثرة محفوظاته، وعلمه بكافة التصانيف، وحفظه بما في الكتب من البحوث وكأن الله سبحانه.. أودع في ذاكرته خلاصة مكتبات، وخميرة آلاف التصانيف، فلا غرابة بعد هذا أذا قال عنه السيد الأمين: إمام في الرجال، والحديث، واسع التتبع، كثير الأطلاع، قوي الحافظة، لا يكاد يسأله أحد عن مطلب ألا ويحيله الى مظانه من الكتب، مع الاشارة الى عدد الصفحات، وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند (1). هذا بالاضافة الى حيوية اسلوبه، وبيانه الذي لا يزال رطبا غضا، كأنه لم يكتبه قبل نصف قرن أو أكثر.. بل كأنه كتبه في هذه الأيام والساعات، لأنه لا يزال قرعة للأسماع شديدا، ووقعه في النفوس بليغا، مع أنه مضى على أكثر من ستين عاما، سلفت فيها أمم، وتعاقبت شعبوب ودول، وتغيرت ظروف وأحوال، ولكن اسلوبه الرصين الخالد الذي أستعمله لخدمة دينه، وأمته، وعقيدته، وشريعته، وبني قومه، لم يتبدل ولم يتغير لأنه استمده من روحه وقلبه، ومن فكره واخلاصه، وعقله المستخمر بحب الامام أمير المؤمنين (ع) والأئمة الهداة من ولده. ويجب أن يكون هكذا.. ولا غرابة إذا كان هكذا.. لأنه من ذرية علي (ع) والصديقة الكبرى فاطمة (ع) درس وتخرج على مدرسة الامام امير المؤمنين (ع) النجف الاشرف، وقد قلت في فصول كتاب صدر لي: لأبناء فاطمة الزهراء.. وذريتها المتفرعة من تلك الشجرة الطيبة الواردة في القرآن الكريم.. والتي أصلها ثابت وفرعها في السماء.. روح وثابة الى الحق ________________________________________ (1) أعيان الشيعة 49: 107. ________________________________________