جاءه متنكّراً في زي الأعراب، فقال: سنأتي مدحتي الحسن بن زيد *** وتشهد لي بصفين القبور قبور لم تزل منذ غاب عنها *** أبو حسن تعاديها الدهور قبوراً لو بأحمد أو علي *** يلوذ مجيرها حمى المجير هما أبواك من وضعا فضعه *** وأنت برفع من رفعا جدير فقال الحسن: من أنت؟ قال: أنا الأسلمي. قال: إذن حباك الله، وبسط له رداءه وأجلسه عليه، وأمر له بعشرة آلاف درهم. وكان كريماً سخيّاً، يطمع فيه الطامعون، حدّث الحصري أيضاً قال: أتى الغاضري المتطفّل يوماً إلى الحسن بن زيد، فقال: جعلت فداك، إنّي عصيت الله ورسوله. قال: بئسما صنعت، وكيف ذلك؟ قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:، «لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» وأنا أطعت امرأتي، فاشتريت غلاماً فهرب منّي. قال الحسن: فاختر واحدةً من ثلاث: إن شئت فثمّن الغلام وخذ ثمنه.. وإن شئت.. قال الغاضري: بأبي أنت، قف عند هذه ولا تتجاوزها. قال الحسن: أعرض عليك الخصلتين. قال: لا، حسبي هذه[568]. وكان عفوّاً متسامحاً، محسناً إلى من أساء إليه.. ففي أثناء ولايته على المدينة أحسن إلى رجل فقير وقرّبه، يقال له: ابن أبي ذئب حتّى كثر ماله، وقدّمه إلى المنصور. ولكن هذا الرجل قابل الإحسان بالإساءة، فقد سعى بالحسن إلى المنصور، وما زال به حتّى أوغر صدره عليه وتنكّر له، فعزل المنصور الحسن عن ولاية المدينة.