الحياة الاقتصادية أمّا ثالث المحاور فهو الجانب الاقتصادي، فقد كان الحسن كريماً غاية الكرم، وكان معطاءً. وفي الأغاني[554] لأبي الفرج الأصفهاني أنّه كان لسيدي حسن الأنور قصور في بطحاء ابن أزهر في المدينة المنوّرة، وكان الناس يقصدون سيدي حسن من كلّ مكان طمعاً في كرمه ونواله. فقد كانت له تجارة رابحة، حتّى إنّه أراد توسيع جامع الرسول (صلى الله عليه وآله) على نفقته، لكنّ المنصور العباسي عارض هذا الأمر. وهناك قصّة تدلّ على كرم سيدي حسن الأنور، رواها ابنه سيدي إسماعيل، وجاءت في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي[555]. فلقد أتاه في الصباح الباكر مصعب بن ثابت الزبيري وابنه عبدالله، أتياه وهو يهمّ بالركوب إلى ماله ـ أملاكه ـ بالغابة في الطريق إلى مكة المكرّمة، استجارا به حتّى يدفع عنهما ديناً، فأرسل الحسن إلى صاحب الدين واسمه ابن ثوبان فسأله، فقال: على الشيخ سبعمائة، وعلى ابنه مائة! وهنا يقضي الدين عن الرجل وابنه، بل زاد وأعطاهما مائتي دينار. لقد اشتهر الحسن الأنور بالعطاء، ولم يكن يردّ صاحب حاجة، بل إنّه كان يصل أعداءه، وربّما لأنّ أباه مات وهو عليه دين، فقد نذر أن يدفع دين كلّ من يلجأ إليه، وكان يؤمن بأنّ المال مال الله، وأنّه يجب أن يصرف في سبيل الله. * * * كيف لاقى الحسن وجه ربّه؟ وأين دُفن؟ وما هي حكاية مشهده بالقرب من سور مجرى العيون أو سور القاهرة القديم؟ خلال الخمسة والثمانين عاماً التي عاشها سيدي حسن الأنور، عاش حياةً واسعةً ثريةً متعدّدة الجوانب، وأنجب أحد عشر ولداً تسعة ذكور[556]، واثنتين من الأُناث هما: