على أنّه مع الشدّة، كان التواضع الجمّ لسيدي حسن الأنور، ونذكر هنا حادثةً جاءت في كتاب «حسن المحاضرة»[551]. فقد دخل على الحسن الأنور وهو والي المدينة المنوّرة أحد الشعراء لينشده قصيدةً مطلعها: الله فرد وابن زيد فرد وبسرعة يردّ عليه الحسن قائلاً: بفيك الأثلب! ألا قلت: الله فرد وابن زيد عبد وينزل الحسن من على كرسي الإمارة، أو سرير الإمارة كما يسمّى، ويلصق خدّه بالأرض، ويمرّغ وجهه في التراب، ويسبّح الله العلي القدير، ويستغفره ويبكي[552]. * * * حياة الحسن الأنور السياسية إنّه رغم القرابة بين سيدي حسن الأنور والعباسيّين، بل المصاهرة، فإنّ ابنته أُمّ كلثوم ـ أخت السيدة نفيسة ـ كانت متزوّجة من أبي العباس السفّاح، أقول رغم ذلك فلم يشفع هذا القطب آل البيت في زمنه عند المنصور العباسي الذي أقصاه عن الولاية، وصادر ممتلكاته، وألقاه في غياهب سجن مظلم. ولاشكّ أنّ العباسيّين كانوا يتوجّسون من آل البيت، ويرصدون عليهم العيون في كلّ مكان، حتّى من كسب ثقتهم، ربّما لاعتقاد العباسيّين من جهة أنّهم اغتصبوا الخلافة من مستحقّيها، ولإيمان العلويّين من جهة أخرى بحقّهم المغتصب الذي ينبغي أن يعود إليهم. وهذا ما جعل العباسيّين يأخذون بالوشايات، بل لا يتحقّقون كثيراً فيما إذا كانت هذه الوشاية صحيحة أم دسيسة.