وفي أمالي المرتضى[543] عن «الفرائد ودرر القلائد» نسب للإمام حسن الأنور، أنّه رأى رجلاً محرماً في مكة المكرمة، وعلى صلعته الغالية ـ وهي نوع من الطيب كالعجين ـ ولم يعترض الإمام الحسن الأنور على ذلك، وهذا يعني أنّ الطيب قبل الإحرام جائز شرعاً. وفي كتاب «الكامل»[544] للمبرد: أنّ سيدي حسن الأنور ذهب للحجّ، فلفت نظره شخص يزاحم الحجيج، فأشار إليه بيده ـ فعل الغازلة، أي مثل التي تغزل صوفها ـ وقال: «خرقاء وجدت صوفاً!» بمعنى أنّ المزاحمة والسرعة في الحجّ تضرّ أكثر ممّا تكسب من الإيمان. وهذا كما يقولون يقترب من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ المنبت لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى»[545]، أي: أنّ المنقطع عن الرفقة، أي المتخلّف عن الركب بسبب السرعة يجهد دابّته، فتعجز عن مواصلة الطريق. أمّا في معجم البلدان[546] لياقوت الحموي، فقد روى أنّ سيدي حسن الأنور عزل عبدالله بن مسلم بن جندب الهزلي عن إمامة الصلاة في مسجد الأحزاب. فقال له: لِمَ تعزلني عن منصب أبي وأجدادي؟ فردّ عليه حسن الأنور قائلاً: إنّما عزلك عنه يوم الأربعاء! وكان هذا اليوم مسموحاً فيه للنساء بالصلاة في المسجد، وقد تعرّض الرجل لبعض النساء بأبيات غزلية، لم يحملها سيدي حسن الأنور محمل العفو. وهذه الواقعة تدلّ على شدّة سيدي حسن الأنور في الدين، كما تدلّ أيضاً على أنّه كان ناقداً للشعر، متذوّقاً، وحافظاً له. لقد وصف الحسن وهو والي المدينة المنوّرة بأنّه: «كان ذا حزم في ولايته، وعزم