ويروى: أنّه كما كان سيدي حسن الأنور يأخذ ابنته نفيسة، ويدخل معها حجرة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ويقول: يا رسول الله أنا راض عن ابنتي نفيسة. فقد كان الإمام زيد والد سيدي حسن الأنور يأخذ ابنه، حتّى رأى النبي (صلى الله عليه وآله) في المنام يقول له: «يا زيد إنّني راض عن ابنك حسن برضاك عنه، والحقّ سبحانه وتعالى راض عنه برضاي عنه»[533]. وقد توفّي الإمام زيد ـ كما يقول الشبلنجي في نور الأبصار[534] ـ في عام 120 هـ ، أي أنّه توفّي والحسن الأنور في السابعة والثلاثين من عمره، وترك والده عليه ديناً مقداره، كما يحدّده الخطيب البغدادي في كتاب تاريخ بغداد[535]: أربعمائة دينار، فحلف الحسن ـ كما في خطط المقريزي[536] ـ ألاّ يظلّ رأسه تحت سقف إلاّ سقف مسجد جدّه الرسول (صلى الله عليه وآله)، أو رجل يكلّمه في حاجة حتّى يقضي ما على أبيه من دين، وكان أن وفى الدين[537]. والواقع أنّ سيدي حسن الأنور قد نشأ في رحاب جدّه الرسول (صلى الله عليه وآله)، يقرأ القرآن الكريم، ويكثر العبادة والقيام والصيام، مع زهد وورع، وتقوىً وصلاح. وقد صقلته هذه الحياة، وفتح الله عليه بالعلم والبيان والثراء، حتّى صار إماماً عالماً، وله تلاميذ ومريدون، وحمل الكثير من الألقاب التي ذُكرت في كثير من الكتب، جمعنا منها هذه الألقاب، وهي: شيخ الشيوخ، شيخ بني هاشم، من كبار آل البيت، أبو محمد المدني الأنور، التابعي، النابه، عالم، عابد، فاضل، شريف، علوي. وقد صار ثقةً في رواية الأحاديث، ومن تلاميذه الإمام مالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن أبي ذئب المحدّث الجليل، وأبو أُويس، ووكيع.