وإذا آنسوا من أنفسهم ضعفاً استكانوا مكتفين بلقب الإمام، وقرابتهم من الرسول (صلى الله عليه وآله) وآثروا المعيشة الهادئة والاشتغال بالتجارة، والانصراف إلى العبادة على الاشتغال بالسياسة والحرب، اللّهم إلاّ في أواخر الدولة الأموية، حين قام والد سيدي حسن الأنور، وهو الإمام زيد بن علي زين العابدين، وابنه يحيى، في عهد هشام بن عبدالملك، الخليفة الأموي مطالبين بحقّهم في الخلافة. وهنا لاقوا عسفاً واضطهاداً، بل شدّةً وقتلاً وصلباً. وعلى العموم، فقد عاش العلويون عيشةً هادئةً، إلى أن تجدّدت الدعوة لآل البيت على أيدي العباسيّين. لكن لمّا ظفر العباسيون بالخلافة دونهم نابذوهم العداء، ونظروا إليهم كما ينظرون إلى الأمويّين من قبل. وهكذا صار اضطهاد آل البيت قضية العباسيّين[526]، خاصّةً في عصر الهادي العباسي، الذي تولّى الخلافة عام 169 هـ ، وكان الهادي كما وصفه المسعودي في مروج الذهب: قاسي القلب، شرس الأخلاق، صعب المراس[527]. وممّا يؤخذ عليه تنكيله بالعلويّين، كما أنّ عصر الهادي شاهد ثورةً أخرى للعلويين قادها الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكانت موقعة فخّ[528].. التي وصفت بأنّها لم تكن مصيبة بعد كربلاء، أشدّ وأفجع من فخّ.