واعتبره العرب رمزاً للقوة كما يقول كتاب «سمط الدرر العوالي»، فالرسول (صلى الله عليه وآله) لبس عمامة سوداء وهو يفتح مكّة. لقد عُزل الحسن الأنور فجأة من ولاية المدينة المنوّرة وأُلقي في غياهب السجن عام 156 هـ ، إلى أن ولي المهدي العباسي فأخرجه منه[522]; لأنّ هذا الخليفة كان يعرف أقدار الأشراف من آل البيت، وكان فاضلاً حتّى إنّ ابن طباطبا في كتابه الفخري في الآداب السلطانية، وصف المهدي قائلاً: كان شهماً كريماً، شديداً على أهل الإلحاد والزندقة، ولا تأخذه في إهلاكهم لومة لائم، وكان يجلس في كلّ وقت للمظالم، كما كان ذكياً فصيحاً بعيد الهمّة، شديد الرأي، ثاقب الفكر، قوي البيان، فصيح اللسان، عالماً بضروب السياسة وفنونها; ممّا أهّله لأن يلي الأمور[523]. ونحن لو عرفنا أنّ المهدي تولّى الخلافة ابتداءً من عام 158 الهجري، فإنّ سيدي حسن الأنور قضى في سجن المنصور سنتين أو يزيد[524]. وكانت العلاقة بين بني هاشم ـ آل البيت ـ من علويّين وعباسيّين ـ كما يقول د. حسن إبراهيم حسن في كتابه تاريخ الإسلام السياسي ـ تقوم على الودّ والصفاء أيام كان البيتان متّحدين على العدوّ المشترك وهو بني أُمية، ولكن ما أن قام البيت العباسي، وسلس له قيادة الخلافة الإسلامية، حتّى تنكّر العباسيون لآل البيت[525]. والواقع أنّ العلويّين لم ينسوا حقّهم في الخلافة بعد كربلاء، بل كانت هي شغلهم الشاغل. فإنّهم ما فتئوا في كلّ أدوار حياتهم يطلبون حقّهم بكلّ وسيلة، فإذا ما وجدوا الفرصة سانحة لإعمال القوة وتجريد السيف اغتنموها، ولم يدعوها تمرّ،