رابعاً: المبادئ الفقهية لفتواه بجواز التعبد بالمذاهب الإسلامية([65]) انتهينا فيما سبق إلى أن الشيخ شلتوت أهتم بالفقه المقارن وأنه لم يكن يتعصب لمذهب بعينه إلا إذا قوى دليله وبانت حجته وأنه كان يرى وجوب التقريب بين المذاهب الإسلامية الصحيحة السنية والشيعية توحيدا لصف الإسلام والمسلمين لأن في الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف ومذله. والله خلقنا أمه واحدة دينها واحد ولغتها واحدة وقبلتها واحدة ولإيمانه العميق بهذه المبادئ في الوقت الذي كانت فيه بذور الخلاف بين أهل السنة والشيعة موجودة حاول بقدر إمكانه هو ومن سار معه على درب التقريب قطع بذور الخلاف وإحلال بذور الوحدة والتعاون محلها فعندما سئل «إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عبادته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية مثلا؟؟ أجاب فضيلته وكان وقتها شيخا للأزهر بما يلي: «إن الإسلام لا يوجب على أحد اتباع مذهب معين بل نقول إن لكل مسلم الحق في أن قلد بادي ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة، ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيرة – أي مذهب كان – ولا حرج عليه في شيء. وإن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الأثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته تابعه لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز – لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد – تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات».