ثم يقول عن الوحدة وأنها مطلب أساسي للجماعة المسلمة: إن الله سبحانه طلب من الأمة الإسلامية أن تتوحد كلمتها فلا تكون شيعاً وأحزاباً يضرب بعضهم رقاب بعض، وقد استغل المستعمرون أسباب الفرقة بين المسلمين أسوأ استغلال، ورغم أن المصلحين من المسلمين تنبهوا إلى الأضرار التي تحيق بدينهم وبلادهم من جراء هذه الفرقة فنادوا بوجوب وحدة الصف الإسلامي والتخلي عن أسباب النفرة بين أبناء الملة الواحدة، والعقيدة الواحدة، وليست الدعوة إلى تقريب المذاهب الإسلامية دعوة إلى لقاء أو غلبة مذهب على حساب مذهب آخر ولكنها دعوة إلى تنقية المذاهب من الشوائب التي أثارتها العصبيات والنفرات الطائفية وأذكتها العقلية الشعوبية ولقد فهم المسلمون الأولون حقيقة هذا الدين الحنيف واختلفوا في فهم نص من كتاب الله أو سنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكنهم مع هذا الخلاف – كانوا يداً واحدة على من عداهم. ثم خلف من بعدهم خلف جعلوا دينهم تبعاً لأهوائهم فتفرقت الأمة إلى شيع وأحزاب ومذاهب وعصبيات واستباح بعضهم دماء بعض، وطمع فيهم الأعداء ومن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى وذهبت ريحهم وضعفت كلمتهم ولقى الإسلام على يد هؤلاء وأولئك ما لقى من نكبات. ومصائب، ولولا قوة تعاليمه وصفاء جوهره ومنبعة وسلامة وطهارة عقيدته واستقامتها مع الفطرة الإنسانية لحرمت الإنسانية من مزاياه وفضائله([64]). بهذه الكلمات الرائعة وضّح الشيخ شلتوت للأمة الإسلامية المنهج الذي يجب أن تستقيم عليه وإنها لكلمات جديرة بالدراسة والفهم والاهتمام لعل المسلمين اليوم يدركون أسباب ما حاق بهم من خلاف ونزاع أدى إلى التناحر والتقاتل بالسلاح بين المسلم وأخيه المسلم في هذه السنوات العصيبة والحق أن الشيخ شلتوت وجه الأمة الإسلامية إلى ما فيه خيرها وعزها بالرجوع مباشرة إلى كتاب الله ومنجه المستقيم وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) .