الاجتهادات الفردية لم تعد متفقة مع عصر الصحوة الإسلامية وتعدد دول الإسلام، واختلاف انظمة الحكم وحاجة المسلمين في جميع انحاء العالم الإسلامي إلى آراء وفتاوى موحدة في شؤون دينهم ودنياهم. الاجتهاد الجماعي لقد عرفت العقود الاخيرة من القرن الهجري الماضي، أنواعاً من الاجتهاد صدرت عن الهيآت العلمية والروابط الإسلامية وكانت هذه الفتاوى صدى لدعوات المصلحين للعودة إلى الاجتهاد، وذلك مثل الفتاوى الصادرة عن الأزهر الشريف والمجتمع الفقهي بمكة المكرمة، ورابطة علماء المغرب والمجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر وغيرها. إلا أن هذه الفتاوى او بعضها، اصطدمت بمعارضة الهيآت الإسلامية المختلفة، كما وقع في فتوى المجلس الإسلامي الاعلى بالجزائر، بجواز استبدال ذبائح الهدي بثمنها، عندما قرر المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي سنة 1390 هجرية عدم جواز ذلك رداً على الفتوى المذكورة ولم يعد الزمان زمان الفرد، بل أصبح العصر مطبوعاً بطابع الجماعة، كما أن الحكم لم يعد للفرد، بل غدا الحاكم شخصاً معنوياً ينبثق من روح الجماعة وهذا هو منطق الإسلام، إذ كان أول من ندد بالاستبداد وحمل على الطغيان وأنشأ نظام الشورى وجعل يد الله مع الجماعة، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا.([14]) كما كان من نتائج وآثار الصحوة الإسلامية التي تعتبر ظاهرة العصر في العالم الإسلامي، شعور المسلمين بالذنب إزاء التفرقة التي أصابت شعوبهم وبددت كلمتهم وشتتت صفوفهم، حتى اصبحوا دويلات لا حول لها ولا طول، بالرغم من موقعهم الاستراتيجي، وامكاناتهم المادية والطاقية، وكثرة عددهم، حتى اصبحت الوحدة اليوم هدفهم وغايتهم، لكي يصبح أمرهم بيدهم.