وأن البقاء والاستمرار للإسلام كدين خاتم لا يتحققان إلا بهذه الوسيلة وإلا انقطعت ما بين الدين والحياة من روابطه، وانفصل احدهما عن الآخر وسلكت الحياة طريقاً يأباه الإسلام وهذا يؤدي إلى خمود شعلة الإيمان في القلوب كما ذهب إلى ذلك الدكتور علي فؤاد باشكيل من الرواد المعاصرين الاتراك، في بحثه عن الاجتهاد باعتباره مفتاح قضية المسلمين. لذلك لم يكتف هؤلاء العلماء الرواد بدعوة الأمة إلى ممارسة حقها في الاجتهاد، بل مارسوه هم أنفسهم سواء عن طريق الفتوى. او عن طريق كتاباتهم وأجوبتهم لما يعرض عليهم من مشاكل العصر ووقائعه، ناهيك بفتوى الشيخ محمد الكتاني الشهيد في أوائل القرن الماضي عن الجنسية والتجنس، حيث ذهب إلى تكفير المتجنسين من المسلمين، باعتبار المتجنس يستظل بظل الكافر ويحتمي بحماه، مستدلاً على ذلك بالآية الكريمة: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً).([12]) لقد كانت هذه الفتوى الاجتهادية العظيمة ضربة كبرى لسلاح خطير وشر مستطير، أخذ يستشري في المجتمعات الإسلامية ويمهد لاستعمارها، بتخطيط وتصميم من لدن أعداء المسلمين واستطاعت هذه الفتوى أن تقف في وجه تيار التجنس وتقضي عليه، مما دعا كثيراً من علماء المسلمين في تونس والجزائر والشام ومصر وغيرهما، إلى الاقتداء بها ونشرها والعمل بما جاء فيها ومما جعل فتوى تحريم جنسية غير المسلمين عملاً تجديدياً اجتهاديا رائعاً، جمع بين الأصالة والتجديد، في وقت كانت الامة الإسلامية في حاجة إليها. وكفتوى المرحوم عبدالله كنون الذي كان لا يرى الاحرام من الطائرة وإنّما يحرم من جدة بناء على الحديث الشريف (هن لهن ـ أي المواقيت ـ ولمن أتى عليهن إلى يوم القيامة)([13]) وكان يشاركه الرأي في هذا الموضوع العلامة المرحوم الطاهر بن عاشور. كما نجد فتاوى اجتماعية عظيمة للشيوخ، الافغاني وعبده ورشيد رضا والكواكبي وذلك في أهم الوقائع والاحداث التي كانت جارية في عصرهم، غير أن هذه