وإن مراعاة مصالح الناس هي مقصد الشارع الحكيم ولذلك لم يتوسع الإسلام في تفصيل أحكام المعاملات المالية والاقتصادية والنظم الادارية والعلاقات الدولية وغيرها، لتطور الاجتهاد بتطور البيئة وإختلاف الزمان والمكان وإنّما دل على ذلك بوجه عام ليكون المسلمون في سعة من استنباط الأحكام، في ضوء المصلحة ودون حرج، أو خروج على القواعد العامة للشريعة، كما أكد على ذلك الإمام الشوكاني بقوله: (إن الله لم ينص على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة، بل جعلها ظنية قاصداً للتوسيع على المكلفين).([11]) ومن هنا كان تغير الأحكام بتغير المصلحة العامة كما أكد ذلك ابن القيم قائلاً: (السياسة العادلة جزء من أجزاء الشريعة، إذ جميع الأحكام الناتجة عن الاجتهاد ومراعاة المصالح، تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس وهي في الحقيقة مهما تبدلت، فإن المذهب الشرعي فيها واحد، وهو إحقاق الحق وجلب المصالح ودرء المفاسد وهو ما كان عليه اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، قائماً على المصلحة العامة، كما هو الشأن في كثير من اجتهاداتهم كالتسعير فإنه كان منهياً عنه على عهد الرسول الأكرم، ثم أبيح فيما بعد وكالطلاق الثلاث يعتبر واحدة، ثم اعتبره عمر ثلاثاً عتاباً للمطلق وتبعاً للمصلحة الظاهرة له آنذاك). وسائل الاجتهاد: الاجتهاد الفردي والجماعي لقد كان السبب الأساسي في الوصول إلى مرحلة الجمود والتبعية للاجنبي، غياب الشريعة الإسلامية عن منهج الحياة واسلوبها، حتى إذا جاء القرن الرابع عشر الهجري سلخت من الشريعة كل مجالات المعاملات ونقل الفكر الغربي إلى البلاد الإسلامية ليكون هو فقه المعاملات الجديد والناظر إلى الجهد الفقهي من خلال فتاوى دار الإفتاء في الأحوال الشخصية والوقف، والعبادات، يجدها ثرية غنية، بينما في النظام السياسي والمعاملات، نلجأ إلى أهل المدارس الحديثة ولو نظرنا إلى كل