(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)([4]). أي لا يمنعهم رفدهولا يحجب عنهم رضاه، إلا إذا بدلوا نعمة الله، وكفروا وارتكبوا ما يستوجبون نقمته وعذابه، (ومن ذلك الآية الأخرى). (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). ([5]) مما يتبين معه أن التجديد هو غير التغيير وأنه أكثر ما يتعلق بالإحياء وأساليب التبليغ وبلورة الأحكام العملية في قوالب تتمسك بالأصالة والعمق الاسلاميين وتكون في الوقت ذاته منسجمة مع النظرة المتغيرة للانسان ومتطلبات الحياة، كما أوضح ذلك المرحوم عبدالله كنون. ([6]) الاجتهاد مظهر صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان ومن هنا يكون الاجتهاد هو استفراغ الوسع في تحصيل العلم او الظن بالحكم الشرعي،([7]) أي استنباط الحكم من دليله، اي استخراج الحكم من الحجة ناشئاً عن الملكة([8]) أي أن هناك اجتهاداً عاما وهو بذل الجهد للتوصل إلى الحكم الشرعي العملي من دليله التفصيلي كما هو في اصطلاح الأصوليين. وهناك اجتهاد بالرأي وهو بذل الجهد للتوصل إلى الحكم في واقعة لا نص فيها، بالتفكير واستخدام الوسائل التي هدى الشرع إليها للاستنباط بها فيما لا نص فيه. وإذاًً فالرأي الذي هو أساس الاجتهاد فيما لا نص فيه، هو التفكير بطرق التفكير التي أرشد إليها الشرع، لأنها أقرب إلى الصواب، وأبعد من الزلل، وتهدف إلى المصالح العامة الحقيقية، كما ذهب إلى ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات، وهو المراد في قول معاذ بن جبل حين سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ولاه قضاء اليمن، أقضي بكتاب الله، فإن لم أجد، فبسنة رسول الله، فإن لم أجد أجتهد رأيي ولا آلو أي لا أقصر. وهو أيضاً المراد في قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عندما سئل عن معنى الكلالة في قوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة) أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأ فمني: الكلالة غير الولد والوالد.