وإعادة الحياة للشرايين التي جفت دماؤها وتصلبت جدرانها، عن طريق إحياء دور العقل في إغناء فكرنا، والتجديد لابد له من نخبة رائدة من العلماء والمفكرين يحملون الراية ويتقدمون الصفوف. التجديد أداء التواصل والتجديد هو أداة التواصل بين الفكر والمجتمع، لكي يكون الفكر فاعلا ومؤثرا في حركة المجتمع.. وهذا المنهج التجديدي في الفكر يعمق الصلة بالموروث الثقافي ويغنيه بما يضمن إحياءه بالإضافات المتجددة إليه، والتي يضيفها كل عصر من قضاياه المطروحة على جيله.. وبهذا المنهج تنتفي صفة القدم عن التراث، ويصبح تراثا متجددا بعطاءات الأجيال المتعاقبة. والمجتهد هو وليد عصره ونتاج بيئته، ولا يمكنه أن يتجاهل أثر مجتمعه عليه، بتكوين ملامح شخصيته وصياغة معالم فكره، وتوجيه اهتمامه إلى قضايا عصره، والمجتهد مخاطب بالنص ومكلف بفهم ذلك الخطاب، وعليه أن يستنبط من النص رؤيته الفكرية الذاتية كما تتراءى له وكما تترجح عنده، ولا يعتبر تقليده لغيره كافيا عن بذل جهده للوصول إلى الحق الذي يترجح لديه، فإن اكتفى بالتقليد عجزا عن الفهم فلا يوصف بالمجتهد، وإن توقف عند حدود التقليد كسلا فقد تخلى عن أداء مهمته وأساء للثقة الممنوحة له. والاجتهاد تفاعل بين النص والمجتهد، وتنبثق من خلال ذلك التفاعل رؤية عقلية راجحة تطمئن إليها نفس المجتهد ويرتضيها رأيا له معبرا عما انقدم في عقله من تصور لطبيعة المسألة الاجتهادية التي عكف على التأمل فيها، فإن وقع منه قصور في فهمها فسرعان ما تتغير ملامحها في نفسه، فيكون اجتهاده بعيدا عن الحق، لقصوره في توفير أسباب الفهم له ولا يجوز لمجتهد ما أن يجتهد في المسائل البعيدة عن تخصصه لعجزه عن رؤيتها بطريقة سلمية.