ونحن اليوم أمام قضايا جديدة، وهي في حقيقتها تحديات معاصرة، وقد وصلت إلينا وفرضت وجودها علينا، ولا يمكن لنا أن ننتجاهلها فهي كالطوفان الذي يجري بقوة في السهول والوديان ويغرق كل مايصادفه في طريقه. والعولمة اليوم في أپعادها السياسية والثقافية والاجتماعية أكثر خطرا من بعدها الاقتصادي الذي بدأت به، إنها قضية الغد التي ستكون كالطوفان إنها استراتيجية الغرب لإلغاء الآخر، وتجريده من كل مكونات هويته الحضارية والثقافية، لكي يكون الأرض الخلاء المعدّة لاستقبال كل وافد جديد، من ثقافة وقيم وتقاليد، وستكون في المستقبل هي الجيش المتمركز الذي يحيي نفوذ الغرب في بلادنا ويسهر على بسط سلطانه في أرض الإسلام من خلال سيطرته على صروحه الاقتصادية، ورقابته المستمرة على أداء مؤسساته الدستورية، وتطويق إرادته الشعبية المتمثلة في مقاومة النفوذ الغربي بالتخويف من التطرف والإرهاب. إننا نرفض العنف والإرهاب في العلاقات الإنسانية سواء على مستوى العلاقة بين الأفراد والجماعات أو على مستوى العلاقة بين الدول، ونتسائل اليوم عن أمرين: الأول: ما أسباب التطرف والعنف في السلوك الإنساني؟ فالاعتدال كما يقول ابن مسكويه في كتابه تهذيب الأخلاق هو الصحة النفسية، والميل عند الاعتدال هو المرض النفسي، والنفس بطبيعتها ترفض الميل عن الاعتدال إلى التطرف لأسباب خارجة عن إرادتها، كميل الإنسان إلى التلذذ بالأطعمة الفاسدة، وأسباب التطرف هو الشعور بالظلم والاحساس بالمعاناة، فهذا مما يؤدي إلى السلوكيات الخاطئة. الثاني: ما موقفنا من العولمة المعاصرة كاستراتيجية دولية لصياغة عالم جديد؟ من المؤكد أنه لا يمكننا أن نغلق أپواب بيوتنا مكتفين بإدانة هذه الاستراتيجية الجديدة، فهي قادمة كالطوفان، ولاخيار لنا فيها، ولا نملك القدرة على إيقاف مراكبها وهي تجري بقوة باتجاه شواطئنا.