صديق لهم! فصفّق الحاضرون كثيراً لامبراطور المانيا الذي جاء إلى دمشق عن طريق القدس مروراً بوادي عجلان ليعلن صداقته للمسلمين! ثم إنّه في اليوم التالي ذهب إلى الجامع الأموي ووقف أمام قبر صلاح الدين فوضع اكليلاً من الزهور كتب عليه: «من ولهلم الثاني امبراطور المانيا وملك بروسيا إلى ذكرى البطل صلاح الدين الأيوبي!» وهلّل العرب المسلمون لذلك تهليلاً كبيراً ولقبّوه بـ «الحجّي»!! هذا في الوقت الذي يعلن فيه «لفنجستون» وهو أحد كبار المرسلين والمكتشفين ويقول عن الشعوب الشرقية المنهوبة وعن مهمّتهم أمام الملأ عام 1850م: نأتي إليها لكوننا أعضاء في عرق متفوّق! وخدمة لحكومة ترغب في تنشئة الأطراف الأكثر انحطاطاً في العائلة الإنسانية! نحن أصحاب دين مقدّس ومسالم، ونستطيع بفضل سلوكنا المحدّد ومساعينا الحكيمة أن نصبح روّاد السلام لجنس لايزال هائجاً ومسحوقاً([174]). وهكذا يدّعي م. روى: بأنّ استعمار الجزائر انّما هو بسط القانون ومنافع المدنيّة على السكّان الهمجيّين! وأقرب أسلوب عقلي لهذا هو أن يتمّ عن طريق الاستعمار المسيحي والمدنيّة الدينيّة ([175]). فاذن كان المستشرقون جند المسيحيّة الشمالية الذين وهبوا أنفسهم للجهاد الاكبر، ورضوا لأنفسهم أن يظلّوا مغمورين في حياة تموج بالحركة والصيت الذائع