2- الدافع السياسي: فإنّ بعد انتهاء الحروب الصليبية المقهورة، والتي فشلت أن تحاول اختراق دار الإسلام رغم كلّ العدد والعُدد التي حشّدت لذلك، ورغم والمناوشات المستمرة والاحتكاكات على الثغور والأطراف، كانت تحسم دائماً لصالح المسلمين، أيقنت الدوائر الغربية أنّه لاجدوى من الحروب واستخدام القوة ضدّ هذه الأُمة فعدلت إلى أسلوب آخر يمكن بموجبه الاستفادة من بعض الوسائل التي لها الاستطاعة في تضعيف الطرف الآخر وزرع الوهن في أعضائه وأوصاله، وكان الاستشراق هو السلاح الأخطر في مخططهم هذا. وقد أُعتبر المستشرق الهولندي «أدريان ريلانت» من الأوائل الذين أخذوا يتشدّقون باستخدام «الأساليب العلمية» و«الدراسات الفكرية» و«الإبحار المدروس» وفق منهجيّة مجدّدة في أعمالهم، فقد كتب يقول: لكي نأخذ الحيطة - نحن المسيحيّين - وأن نتناول خلافاتنا معهم بطريقة عقلانية بحذر ولباقة، وأن نحاربهم من الآن فصاعداً بمزيد من الوضوح والعمق، وليس بعدد الاتهامات والإنكار([168]). وهاهو الأب «ماراتشي» يخطب في جمع من الرهبان والقساوسة: من الضروري إذا ألاّ نحارب الإسلام دون أن نعرفه تماماً، وفرصة هذا الصراع الحكيم تتزايد يوماً بعد يوم بسبب العلاقات المتزايدة بين الأوربيّين ومسلمي تركيا وافريقيا وفارس والهند الهولندية، حيث نرى للأسف الكثير من المسيحيّين يلطخّون المسيحيّة بالعار، ولاشكّ في أنّ فرصة انضواء المسلمين إلى الايمان