بدايته: إنّ ظهور كلمة «الاستشراق» و«المستشرق» في انكلترا وفرنسا ومن ثم أدرجت في قاموس الأكاديمية الفرنسية لا يعني أنّ الاستشراق لم يكن موجوداً من قبل، ولم يكتسب أهمية إلا من بعد أن أدرجت لفظته في القاموس الاكاديمي، بل العكس هو الصحيح، إذ لو لم تكن هذه الظاهرة موجودة من قبل لما أخذت تسميتها ومكانتها هذه. لكل الحال هنا أنّه لم يعرف بالضبط تاريخ محدّد لبداية الاستشراق، ولا أول غربيّ قام بدراسة الشرق أو عنى به، لكن من المؤكّد المتّفق عليه أنّ بعض الرهبان الغربيّين قصدوا الأندلس ابّان مجدها وانضمّوا في مدارسها وتثقّفوا في جامعاتها، وتتلمذوا على علماء المسلمين في مختلف العلوم والمعارف، ثم قاموا من بعد ذلك بترجمة القرآن الكريم وبعض الكتب العربية إلى لغاتهم، ومن هؤلاء الراهب الفرنسي «جربرت» الذي انتخب باباً لكنيسة روما عام 999م بعد عودته إلى بلاده، والراهب «بطرس المبجّل» الذي توفي عام 1156م ، والراهب «جيرار دي كريمون» المتوفّى سنة 1187م([158]). ثم بدأ التحرك الاستشراقي يأخذ صفة الجدّية في نشاطاته في هذا الصعيد، ففي عام 1219م أرسل «فرانسوا الأسيزي» ستّة من الرهبان إلى المغرب فسلكوا