المبحث الخامس - الغزو الثقافي: آخر ما نحن معنيون ببحثه في هذا الفصل; هو الغزو الثقافي; الذي يمارسه مع شعوب الأُمة الإسلامية ودولها منذ أمد بعيد - الثالوث المعادي لها، وهو الثالوث المكون من الصليبيين والصهاينة والشيوعيين. وهذا الغزو الثقافي; هو واحد من التحديات الخارجية الخطرة; التي تواجه أمتنا في هذه الأيام. بل يمكن اعتباره أخطر التحديات على الإطلاق. ذلك أن التحديات الأخرى تستهدف بعض أراضي الأُمة للاستيطان فيها، أو تستهدف شعوب الأُمة لتكون أسواقاً لصناعات القوم ومنتجاتهم، أو تستهدف مواقعنا الجغرافية (الاستراتيجية) ; ليؤمَّن القوم - بالسيطرة عليها - طرق تجارتهم، ومواصلاتهم، وحماية ما يقيمون في بلادنا من كياناتهم ومعسكراتهم. أو تستهدف تلك التحديات; خيرات الأُمة وثرواتها; ومن نفط ومعادن وغير ذلك من مخزون باطن الأرض عندنا - وتلك هي أبرز الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها; أولئك القراصنة الغزاة; من التحديات والعراقيل التي يضعونها أمام أمتنا وشعوبنا. أما الغزو الثقافي; فإن الأمر معه مختلف جدا. لأن الهدف منه هو القضاء على المقومات الأساسية للأمة وذلك بالقضاء على معتقداتها وتقاليدها وعاداتها وثقافتها وموروثاتها، والقضاء - بالتالي - على حضارتها الإسلامية، ورسالتها الإنسانية، لتصبح - كلا مهملاً، أو كياناً مهلهلاً. ولذلك فإن للثالوث المعادي للأمة; حرصاً شديداً على إنجاح هذا الغزو الثقافي، لأنه يوفر له أنسب الأجواء; ليعيث فساداً في بلادنا كما يشاء. ولأنه يحقق له الأهداف الشيطانية; التي يتشوف إليها من الممارسات والتحديات الأخرى.