وكذلك الحال في مصر والسودان; فهما يشكلان ثقلا سكانيا إسلاميا يخيف الأعداء والمتربصين. ويمتاز السودان بأنه يشكل مشروعاً حضارياً إسلامياً، في قلب قارة يسيل عليها اللعاب، وتسن من أجلها الحراب. بل إن السودان نفسه هو مما يستهدفه الأعداء، لأنه المفتاح الحقيقي لتلك القارة. أما مصر فإنها تمتاز بأنها تشكل - بموقعها الجغرافي; وثقلها السكاني، وتميزها الوطني والديني والتاريخي - تشكل موقعاً -(استراتيجياً) غاية في الأهمية والخطورة. إذ يستحيل على الغرب أن يتصل بأمم الشرق إلا عبر أراضيها، أو عبر مياهها، كما يستحيل على الأُمة العربية أن تنهض ومصر بعيدة عنها. إن الأطماع في ثروات الأُمة الإسلامية، وفي مواقعها الجغرافية، وحتى في مقدساتها الدينية; يعتبر من أكبر التحديات الخارجية التي تواجهها; وهي تدخل القرن الميلادي القادم. المبحث الثاني - التآمر على الأُمة، وحصار شعوبها: إن مظاهر التآمر على الأُمة الإسلامية كثيرة ومتشعبة، ويكمن أبرزها في احتلال قطع غالية من أرضها - كفلسطين - وزرع كيانات دخيلة في جسمها - كالكيان الصهيوني - وتدمير أو تدنيس مقدساتها، كما فعل بمسجد بابري في الهند، وما يُحاك ضد القدس والمسجد الأقصى المبارك في فلسطين. ثم يأتي مظهر آخر من مظاهر ذلك التآمر، وهو إثارة الحروب بين دول الأُمة وشعوبها، كما كان في حرب الخليج الأولى والثانية، حيث فقدت الأُمة في الحربين من مقدراتها العسكرية والاقتصادية والبشرية; مالا تزال تعاني من نتائجه حتى اليوم.