الإسلامية، بالإضافة إلى التأثير الملحوظ الذي خلّفه الفكر القومي في هذا المجال. فلو أخذنا تجربة الثورة الشعبية في العراق ضد الاستعمار البريطاني عام 1920م نلاحظ وجود فرق شاسع بين التأثير الإسلامي الثوري والتأثير القومي في أوساط الجماهير العراقية. فبينما كانت النوادي والمقاهي منتجع رواد الفكر القومي، كان المسجد والحسينية مراكز مهمة لبث الفكر الإسلامي الثوري. كان الفكر القومي متأثراً فعلاً بالأفكار الأوربية التي طُرحت بعد الثورة الصناعية الفرنسية، كالعلمنة والتفسير المادي للحياة، في حين ان الفكر الإسلامي كان منشغلاً في نقد الحضارة المادية الأوربية من جهة، ومقارعة الغزاة الطامعين بالبلاد الإسلامية من جهة أخرى. رواد الفكر القومي كانوا يتلقون مساعداتهم المادية والمعنوية من الخارج غالباً، بينم كانت الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة هي المعين الذي لا ينضب لرفد الحركة الإسلامية في العراق. العلاقة التي تربط بين قادة الفكر القومي وقاعدته الشعبية - قائمة أصلاً على المادة والمصالح المشتركة، بينما العلاقة القائمة بين الجماهير المسلمة والقيادة الإسلامية كانت ولا تزال مبنية على أساس التقوى والايمان والعمل الصالح. وما الاستجابة الواسعة التي أبدتها العشائر لدعوات الجهاد التي انطلقت من حناجر علماء الدين الشيعة من على منبر المساجد والحسينيات إلا دليل صارخ على الدور الفعال للعامل الديني في مواجهة المحتل من جهة، ودور العلماء وقدرتهم في استنهاض الهمم لمقاومة الاحتلال البريطاني ومن ثم الانتداب، من أجل المطالبة بالاستقلال التام من جهة ثانية.