دافعوا عن القاجاريين يوم أن حاولت بريطانيا أن تزيل نظام حكمهم وتنصّب مكانهم العميل بهلوي، لتفتح إيران أمام النفوذ الغربي. دافعوا عن العثمانيين عندما اجتاحت القوات البريطانية الولايات الخاضعة لها، بزعم أنهم محررون لا فاتحون... والسؤال المطروح هنا كيف دافع علماء الشيعة - بالخصوص - عن نظام الخلافة العثمانية، والحال أن هذا النظام مناقض تماماً مع الأطروحة الشيعية في الولاية والحكم؟ «ليس غريباً أن يكون علماء الشيعة الذين يؤمنون بنظرية الإمامة المضادة لنظرية الخلافة بالقوة، في مقدمة الذين أفتوا بضرورة محاربة الغزاة البريطانيين تحت لواء الخلافة العثمانية؟ ذلك أنهم كانوا يواجهون شرّين أحدهما أكبر من الآخر، الشر المطلق الذي هو سيطرة الغرب الكافر على المسلمين، والشر النسبي الذي هو الحكم التركي المستبد الظالم، وعندما يخير المرء بين شرّين، فعليه أن يختار أهونهما دفعاً للخطر الأعظم»([56]). كما هو معروف ان القوات الأجنبية الغازية قد واجهت في مناطق نفوذها ثورات متعددة المشارب والأفكار، وأنها وفي نهاية المطاف تجرعت كأس الهزيمة في معظم تلك المناطق في العالم، وإن طال البقاء في بعضها. وكلما كانت المقاومة أشد وأقسى، كلما كان بقاء الاستعمار أقل وخسارته أكثر. وبطبيعة الحال أن الثورات هي تعبير صادق عن إرادة الجماهير في الحرية والانعتاق، واّن لكل ثورة روافد فكرية ترتضع منها، ليقوى بها عودها، وتتصلب