وبطبيعة الحال، فإن الأقوى والانكى تكون له حصة الأسد من الغنائم، وهكذا كانت بريطانيا العظمى هي السبَّاقة في بسط نفوذها على أكبر قدر ممكن من الدول والممالك الإسلامية. فبدأت في السادس من تشرين الثاني عام 1914م باحتلال العراق ومن قبل «احتلت الهند عام 1818م، وهو العمق الاستراتيجي لإيران، وحكمتها حكماً مباشراً بعد أن كانت قد بسطت نفوذها عليها فترة غير قصيرة»([52]). وانطلقت بعد ذلك لاحتلال جميع الطرق الإستراتيجية التي تؤدي إلى الهند والشرق الأقصى، فقامت باحتلال الدول المطلة على البحر الأحمر ليتسنّى لها احتلال مصر، وبعد أن حققت مآربها من ذلك، اتجهت صوب البحر الأحمر، فاستولت على معظم دول الخليج وجزرها ذات الموقع الاستراتيجي من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية، تمهيداً لاحتلال إيران من الجنوب، حيث كان الشمال مسيلاً للعاب روسيا، والتي بالفعل تقدمت واحتلت أجزاء واسعة منه، وهي بلاد القفقاز وبادكوبه وبخارى وسمرقند في عهد فتح علي شاه ومازلت تلك المدن واقعة تحت سيطرة دول آسيا الوسطى في وقتنا الحاضر. وفي عام 1881م احتلت بريطانيا مصر، وأعقبها احتلال السودان في عام 1884م، وبذلك سدّت القوات البريطانية جميع الطرق المؤدية إلى الهند بوجه المستعمرين الآخرين. أما فرنسا فإنها احتلت الجزائر في العشرينات من القرن التاسع عشر ثم قامت باحتلال تونس عام 1881م، وفي عام 1911م احتلت مراكش.