وابلى العدو الغازي بلاءً حسناً في كثير من المواقع»([50]). بالرغم من إمكاناته المحدودة إذا ما قورنت بإمكانات العدو الهائلة عدداً وعدةً وتنظيماً. «ولم تكن حال الإمبراطورية الإيرانية بأفضل من العثمانيين، بل في بعض الأحيان كانت إيران تتبع سياسة أكثر ضعفاً واستسلاماً للغرب، كما كان الأمر في العهد القاجاري، ففي أواخر هذا العهد وبعد أن اعتلى الحكم (فتح علي شاه) أصبحت إيران ككرة القدم في ملعب السياسة الدولية بين روسيا وبريطانيا، فمرة تسقط في أحضان النفوذ الروسي، وأخرى في أحضان النفوذ البريطاني»([51]). ففي ظل حكم الدولتين العثمانية والإيرانية، كانت الشعوب الإسلامية تعاني الفقر والفاقة والاستبداد والظلم، بينما كان الحكام، لاسيما في أواخر عهدي تلكما الدولتين منغمسين في اللهو واللعب، بعيدين كل البعد عن مشاعر الشعب واحتياجاته الأساسية في الحياة. وعندما شعر الاستعمار بقوته وسطوته، وبضعف وخور حكام الدول الإسلامية، انطلقت جحافله في مطلع القرن التاسع عشر تجوب البلاد الإسلامية طولاً وعرضاً، متخذةً إياها دولاً وشعوبها خولاً. بريطانيا، فرنسا، ايطاليا، ألمانيا النازية، واسبانيا، أسماء الدول الأوربية الأكثر تألقاً في سماء النفوذ الدولي آنذاك تلك الدول وغيرها كانت تتبارى في حلبة الدول الضعيفة لاقتسام الغنيمة.