ـ(369)ـ الإسلام للأُمة، أي موقع الخلافة الذي يسمح لها باختيارـ في عصر الغيبة ـ ومراقبتهم ومحاسبتهم، لم تخط به أي من الأمم في أرقى المذاهب الاجتماعية ومن خلال ذلك نجد ان الإسلام ونظامه السياسي، وضع على مستويي النظرية والتطبيق، العديد من الضمانات الشرعية الدستورية، التي تحول دون ممارسة السلطات الحاكمة، مهما كانت صلاحياتها لأي شكل من أشكال الاستبداد أو الدكتاتورية أو الظلم أو الانحراف، بالصورة التي لم يتوصل إليها فقهاء الديمقراطية، إذ لا تمتلك الأنظمة الديمقراطية غير الانصياع لخيارها الوحيد، وهو حكم ممثلي الأغلبية البرلمانية، ولا تمتلك الديمقراطية أية ضمانات حيال ممارسة الأغلبية البرلمانية، سواء على مستوى السلطة التشريعية(البرلمان نفسه) أو السلطة التنفيذية(مجلس الوزراء )، ما يحلو لها من ممارسات استبدادية وديكتاتورية(82). النتائج: المعالجات المختصرة التي مرت، تقودنا إلى نتائج نحسبها موضوعية، تلخص طبيعة العلاقة بين الأنظمة السياسية الإسلامية والديمقراطية والثيوقراطية، هي: 1ـ البشرية تمتلك كثيرا من الخيارات، وليس خيارين فقط لا ثالث لهما، كما يصوّرون لها، وهما: الديمقراطية أو الدكتاتورية، فإن لم تحكمها الديمقراطية حكمتها الدكتاتورية. هذه الحتمية خاطئة تماما. وحقاً لو لم يكن أمام البشرية سوى خيار الديمقراطية والدكتاتورية، فلتختر الديمقراطية، لأنها أهون الشرين. ولكنها ـ في الحقيقة ـ تمتلك خياراً ثالثاً، ذلك هو خيار النظام الإسلامي، الذي هو نظام متكامل يستوعب كل مجالات الحياة، ويرافق الإنسان، من ولادته وحتى موته. 2ـ ان النظام الإسلامي ليس ديمقراطيا ولاثيوقراطياً، ولا يتمثل نظاما توفيقياً أو توليفياً، ليس من منطلق مجافاة الديمقراطية أو معاداة الثيوقراطية، بل أنه نظام مستقل