ـ(363)ـ الاستبداد والدكتاتورية على وفق الأنظمة الثلاثة تحاول الديمقراطية من خلال مختلف الأساليب تجنب الممارسات الاستبدادية والدكتاتورية في ممارسة السلطة وفي الوصول إليها، بل أنها جاءت لتقضي على الاستبداد والدكتاتورية، اللذين كانا يتمثلان في الحكومات الاتوقراطية والأرستقراطية المدعومة من قبل الكنيسة. ولكن في الواقع لازالت الديمقراطية عاجزة عن الحيلولة دون بروز أنواع من الدكتاتورية والاستبداد في إطار أنظمتها السياسية. ويبدأ هذا الاستبداد بالعملية الانتخابية وينتهي بممارسة الجماعة الفائزة للسلطة ففي العملية الانتخابية، لا يرشح سوى المنظمين إلى جماعات السياسيين المحترفين وأصحاب رؤوس الأموال والقادة الحزبيين، في قوائم حزبية، لا تمثل طبقات الشعب مطلقاً، بل تمثل تلك الجماعات، التي هي شكل أكثر تعقيداً، من أشكال الأرستقراطية السياسية والاقتصادية. وبالتالي فان الاستبداد الديمقراطي يبدأ من الترشيح للانتخابات، إذ لا علاقة للشعب بإقرار هؤلاء المرشحين، بل قوى الاستبداد التي تقف أما خلف الكواليس أو على المسرح وخلال عملية التصويت تمارس هذه القوى أشكالا أخرى من الاستبداد منها: 1ـ الاستبداد الدعائي والاضطهاد النفسي للمواطن، والذي لا يترك لـه أي مساحة من الحرية في التصويت، فضلا عن شراء الأصوات أو شراء أصوات بعض المتنفذين اجتماعيا واقتصاديا، مقابل مصالح شخصية محضة، وهؤلاء المتنفذين يقومون بالضغط على المواطنين بشتى الأساليب. وخلف هذا الاستبداد تكمن السيطرة الخفية على العملية الانتخابية. 2ـ التزوير في الأصوات وهي عملية سهلة، وتستخدم فيها أساليب مختلفة، ولاسيما ان القوى المسيطرة على الساحة السياسية تمتلك كل هذه الأساليب، بما فيها العصابة المسلحة والخطوط المائلة العاملة في هيئات الاشراف على الانتخابات.