ـ(360)ـ الحاكم فقد، بأنه صاحب السلطة المطلق والحاكم بأمره، فلا وجود لأي تعدد في السلطات ولا أي نوع من الشورية ولا وجود لدستور أو قانون أو مؤسسات سياسية دستورية، أي ان سلطات التنفيذ والتشريع والقضاء تتلخص في شخص الحاكم فقط، يمارسها وفقاً لرغباته وأرادته، دون ان توقفه شورى عند حده أو قضاء. ويختلف النظام الإسلامي مع الأنظمة الثيوقراطية اختلافا كاملا في هذه النقطة، لأنه نظام يتمتع بعدد كبير من مجالس الشورى، والمجالس النيابية المنتخبة من قبل الأمة، إضافة إلى وجود دستور وقائي وعدد من المؤسسات السياسية، والسلطات(التنفيذية والتشريعية والقضائية) المنفصلة عن بعضها، ويمارسها أشخاص متعددون. ولا يمارس الحاكم هذه السلطات بنفسه، فهو وان كان ـ مثلا ـ يتمتع بصلاحيات تعيين القاضي، إلا ان الولي الفقيه ليس فوق القضاء، بل يمكن للقضاء محاكمته واستجوابه كأي فرد من أفراد الشعب. أي ان أشراف الولي الفقيه(الإمام القائد) على هذه المؤسسات والسلطات، لا يعني أنه يمارس حكماً مطلقاً من خلالها. بل ان مهمته هنا هي الأشراف والرقابة، دون انحراف هذه السلطات عن خط الإسلام، في مجالات التقنين والتنفيذ. 3 ـ موقع رجال الدين: في النظام الثيوقراطي الكنسي يخضع النظام السياسي لسلطة رجال الدين على نحو مطلق، فهم الطبقة الحاكمة المتميزة، ويعرفون بـ(الاكليروس)، أي ان هذا النوع من يحكم هي حكومة رجال الدين، التي يسيطر فيها رجال الدين المسيحي على المجتمع سيطرة كاملة، ليس من منطلق كفاءتهم العلمية في الشريعة أو كفاءتهم الإدارية بل من منطلق كونهم طبقة حاكمة مفروضة، تمارس سلطة مطلقة في التشريع والتنفيذ والقضاء، ومن أبرز ما أفرزته السلطة الأخيرة(القضاء)، وان لم تكن سلطة مستقلة أصلا، ما عرف بمحاكم التفتيش. وكانت هذه السلطة المطلقة للكنيسة ورجالها، السبب